بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
جمعت المحافظات الجنوبية بين الصمت والسكوت، فالسكوت هو التوقف عن الكلام مع القدرة عليه، أما الصمت فهو ترك المواضيع الحساسة، والعزوف عن مناقشتها. آخذين بعين الاعتبار ان بعض الصمت إثم، والذى لم يؤد فى أى وقت من الأوقات إلا إلى نكبات ندفع ثمنها جميعا مهما كانت النوايا حسنة والقلوب عامرة بالإخلاص والوطنية. .
فالمثير للدهشة ان المحافظات الجنوبية هي التي كانت أكثر صخبا وضجيجا، وهي التي أحرقت كميات هائلة من الاطارات، وتغاضت عن خروقات وانتهاكات أفواج مكافحة الدوام المدرسي. كانت المزاجية هي التي تتحكم بعواطف الناس، وهي التي تحدد مواقفهم وتوجهاتهم، فالكوارث عندهم مؤجلة حتى يأتي اليوم الذي يجتاحهم فيه الطوفان. لا يستجيبون للتحذيرات، ولا يلتفتون إليها، وأحياناً يرفضونها رفضا قاطعاً، لكنك تتفاجأ عندما ترى توحد أصواتهم ضد مشاريع الربط السككي التي ليس لها وجود على أرض الواقع، بينما تراهم يغضون أبصارهم عن تلوث أجواءهم بالنفايات النفطية، ويغضون أبصارهم عن الأزمات المزمنة التي أودت بحقول الغاز، وفي مقدمتها حقل السيبة الغازي. .
أذكر انني عندما أطلقت صرخاتي التحذيرية ليلة أمس عن الكوارث البيئية والمعيشية والزراعية والصناعية التي ستعصف بنا في السنوات القليلة القادمة بعد اكتمال مشاريع السدود الأربعة التي ستنشئها حكومة إقليم كردستان على روافد نهر دجلة، جاءتني الردود على شكل شتائم وكلمات مستفزة، وعندما كتبنا ردوداً وطنية جريئة ضد الفضائيات العراقية التي تعمدت تشويه تاريخ أبناء الجنوب عبر برامجها المسمومة، أنهالت علينا الشتائم واللعنات دفاعا عن تلك الفضائيات. .
وما أبشع الصمت والسكوت أزاء تفشي المخدرات بين المراهقين في الاماكن العامة، وتردي التعليم، وتراكم تداعيات البطالة، وتصاعد العمود الملحي في الجداول والسواقي، والمنغصات الهائلة التي تواجهها المشاريع الصناعية. .
وقديما قالها اخو هوازن:-
امرتهم أمري بمنعرج اللوى
فلم يستجيبوا النصح الا ضحى الغدِ.