بقلم : أياد السماوي …
يبدو أنّ التنطط والتنّمر على المحكمة الاتحادية العليا قد أصبح منهجا لبعض الموتورين من قرارات هذه المحكمة , ولا شّك أنّ هذا التنّمر وهذه المحاولات الرامية لانتزاع شرعية هذه المحكمة والطعن بدستوريتها والتشكيك باستقلالية قراراتها ونزاهتها , ستترتب عليه نتائج وآثار لا يدرك مخاطرها وتأثيرها المدّمر على مستقبل البلد ومستقبل نظامه السياسي القائم و سير العدالة فيه ,غير تلك الصفوة من رجال القضاء العراقي الذين عاهدوا الله وأقسموا على حماية الدستور والقانون في هذا البلد , وليس البعض من المرعوصين والمرعوصات الذين جاءت بهم الأقدار إلى قبّة مجلس النواب العراقي .. فعندما يحاول هؤلاء المرعوصين والمرعوصات خلط الأوراق واستغلال الوعي الجمعي المتخلّف لأنصارهم , يصبح لزاما على أصحاب الفكر والرأي والبصيرة توضيح الأمور ووضع النقاط على الحروف ..
أولا / أنّ المادة (5) من الدستور العراقي قد جعلت السيادة للقانون , والدستور بموجب المادة (13) هو القانون الأسمى والأعلى في البلد , فلا علويّة لأيّ سلطة أو مؤسسة سواء كانت اتحادية أو إقليمية على الدستور ..
ثانيا / أنّ المادة ( 19 / أولا ) قد نصّت على ( القضاء مستقل ولا سلطان عليه لغير القانون ) , فليس لمجلس النواب أو غيره أيّ سلطة على القضاء غير سلطة القانون التي يجّسدها الدستور ..
ثالثا / أنّ المادة (47) من الدستور العراقي قد قد أكدّت على أنّ السلطات الاتحادية تتكوّن من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية , تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات .. وبموجب هذه المادة الدستورية لا علويّة لسلطة من السلطات على السلطات الأخرى وفق مبدأ الفصل بين السلطات ..
رابعا / إنّ أعضاء ورئيس المحكمة الاتحادية العليا الحالية لم يتم تعيينهم أو التصويت عليهم من قبل مجلس النواب العراقي , بل أنّ تعيينهم قد تمّ بمرسوم جمهوري , ولا يجوز عزل أو تغيير أيّ منهم إلا في الحالات التي يحدّدها القانون وفق ما جاء في المادة (97) من الدستور التي نصّت على ( القضاة غير قابلين للعزل إلا في الحالات التي يحددها القانون ) ..
خامسا / أنّ الدستور العراقي في المادة (94) قد جعل قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتّة وملزمة للسلطات كافة بما فيها السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية , ولا يجوز لأيّ سلطة كانت التنطط على قراراتها أو رفضها أو عدم الالتزام بها ..
سادسا / إنّ أعضاء مجلس النواب لم يكونوا ليصبحوا نوابا في مجلس النواب لولا مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات النهائية , ويحق للمحكمة الاتحادية أن تنزع عضوية أيّ نائب من النواب إذا ما ثبت للمحكمة أنّ عضوية هذا النائب مطعون بصحتها . لكن في المقابل هل يملك مجلس النواب العراقي سلطة عزل أيّ من أعضاء هذه المحكمة ؟ فعلام هذا التنطط والتنّمر على المحكمة ؟ ..
سابعا / ولو كان مجلس النواب يملك هذه العلويّة التي ادعى بها البعض من المرعوصين , لاستطاع عزل رئيس الجمهورية في الحالات الثلاث التي حدّدتها المادة ( 61 / سادسا ) من غير إدانته من المحكمة الاتحادية العليا ..
ثامنا / من الذي خصّه الدستور بسلطة تفسير نصوصه , مجلس النواب أم المحكمة الاتحادية العليا ؟ ومن هي الجهة التي خصّها الدستور بالفصل بالمنازعات التي تنشأ بين السلطات الاتحادية والإقليمية والمحلية , مجلس النواب أم المحكمة الاتحادية العليا ؟ ..
أخيرا .. ما الذي يريده المشّككون باستقلالية ونزاهة قرارات المحكمة الاتحادية العليا ؟ وهل يعي هؤلاء تبعات رفض قرارات المحكمة وعدم الالتزام بها ؟ وهل هنالك إصلاح يقوم على التمرّد على القضاء وسلطاته وقراراته ؟ إلى أين يريد هؤلاء المشّككون السير بالبلد ؟؟؟ ..
في 20 / 05 / 2022