بقلم : أياد السماوي …
قبل أن أبدأ حديثي عن التحالف الاستراتيجي القائم بين الإطار التنسيقي وبين الاتحاد الوطني الكردستاني , اودّ أن أقول أنّ ما أتحدّث به هو رأي شخصي ولا علاقة له بأي جهة سياسية أو حزبية .. فالجميع يعلم بطبيعة العلاقة الاستراتيجية القائمة بين الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني , ومتانة وصمود هذه العلاقة خلال الفترة المنصرمة عندما واجها بقوة ما كان يسعى له التحالف الثلاثي , وكيف كان لهذا الصمود دورا محوريا وأساسيا في إفشال مخطط التحالف الثلاثي الذي خطّط له في ( الأمارات وتركيا وكردستان ) برغم المغريات الكثيرة التي قدّمت للإتحاد الوطني في سبيل التخلّي عن حليفه الإطار التنسيقي والالتحاق بالتحالف الثلاثي وبكلّ تأكيد كان لهذا الموقف المشرّف دورا مهمّا وفاعلا في إسقاط مشروع الثلاثي السياسي .. ومثل هذه العلاقة القائمة بين الاتحاد والإطار يجب أن تكون على أساس المصالح الاستراتيجية العليا للبلد , وليس على أساس المصالح الشخصية أو المؤقتة , والأخوة في الاتحاد الوطني يعرفون جيدا موقف بعض الأطراف الفاعلة في الإطار التنسيقي من رئيس الجمهورية برهم صالح , خصوصا تلك التي تتعلّق بتجاوزاته على الدستور كقضية عدم تعينه نائبا الرئيس الذي هو منصب دستوري ملزم نزولا وانصياعا عند رغبة مقتدى الصدر الذي كان رافضا أن يتوّلى نوري المالكي هذا المنصب , ناهيك عن الدور الذي لعبه في أزمة تظاهرات تشرين والتي أفضت بالكاظمي رئيسا للوزراء .. الذي أريد الوصول له هو أنّ الموقف السلبي عند بعض الأطراف الفاعلة في الإطار التنسيقي من السيد برهم صالح لا علاقة له أبدا بموقف مقتدى الصدر الأخير , وما اثاره هذا الموقف من لغط سياسي ومحاولات لخلط الأوراق ..
ومنذ البداية فإنّ الأخوة في الاتحاد الوطني يعلمون جيدا موقف قوى الإطار التنسيقي من إعادة ترشيح برهم صالح وكان رأيهم ولا زال أن يذهب الحزبين الكرديين الرئيسين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني إلى خيار القبول بشخصية يتوافق عليها الحزبين الكرديين اليكتي والبارتي , وفي حالة استمرار البارتي على موقفه من ترشيح ريبر أحمد , فإن الإطار التنسيقي سيذهب بكلّ تأكيد مع مرّشح حليفه الاتحاد الوطني .. وهذا الموقف لا علاقة له بقناعات ومواقف مقتدى الصدر المتقلبة بين لحظة وأخرى ومنها الموقف الأخير من برهم صالح .. لكنّ بعض المراقبين السياسيين قد ذهب به الخيال إلى أوسع من هذا , معتبرا أنّ مطالبة الإطار التنسيقي من حليفه الكردي الاتحاد الوطني بضرورة تحقيق توافق في البيت الكردي على تسمية المرّشح لمنصب رئيس الجمهورية , قد يشجّع مقتدى الصدر لوضع فيتو على أسم هذا المرّشح أو ذاك من الذين لا يرغب بهم , خصوصا أنّ بعض سماسرة السياسة يحاولون إقناع بعض أطراف الإطار التنسيقي بأهمية أخذ موافقة مقتدى الصدر على أيّ مرّشح سيقدّمه الإطار التنسيقي , تجنبا لعدم إزعاج سماحته وإعطائه الذريعة لإعلان الفوضى في البلد .. وقد يرغب مقتدى الصدر بإشاعة مثل هذا التصوّر عند خصومه وجعلهم في موقف لا يخرجون فيه عن طاعته وتنفيذ رغباته , وبكلّ تأكيد أنّ رغبة مقتدى الصدر لا تتعدّى أن يكون رئيس الوزراء القادم هزيلا ضعيفا متردّدا غير ضليع بإدارة ملّفات الدولة , كي تفشل حكومة الإطار التنسيقي ويعود سيدا مطلقا من خلال كصكوصته الشهيرة .. وهذا ليس فقط انتحارا سياسيا لو تماهى الإطار التنسيقي مع رغبات مقتدى الصدر , بل هو نهاية العملية السياسية والديمقراطية في البلد وذهاب البلد إلى المجهول .. ولذا نقول أنّ التحالف الاستراتيجي القائم بين الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني ليس تحالفا عابرا وقائما على تكتيك سياسي مؤقت , بل هو تحالق تاريخي واستراتيجي ولن ينفرط من مجرّد موقف شخصي من هذا أو ذاك .. ولا زال كاتب هذا المقال يرى أنّ توافق الحزبين الكرديين حول المرّشح لمنصب رئيس الجمهورية هو الطريق الصحيح للعبور بالبلد إلى الضفة الثانية ..
أياد السماوي
في 30 / 06 / 2022