بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..
تختلف خواص المواد الديمقراطية، من حيث الصلابة والتماسك، تبعاً لتقلبات الطقس، ومتغيرات خطوط الطول والعرض، وتبعاً لوقت وظروف استخدامها. فالديمقراطية في العراق غير الديمقراطية في السويد، وتختلف عن ديمقراطية اليابان. وإليكم بعض الامثلة:-
- فالبلدان الاسكندنافية تؤمن بحق التنوع والاختلاف. وتؤمن بخلق جو من التوازن بين مختلف سلطات الحكم والمنظمات، وذلك عن طريق توزيع القوة في المجتمع. لكن بعض الكيانات في العراق ترفض الاعتراف بتوازن القوى، وربما ترفض التوازن نفسه. .
- والديمقراطية في فرنسا تعني خضوع الشؤون التشريعية لمجلس النواب. وأن تكون عملية اتّخاذ القرارات مبنيّة على تصويت الأغلبيّة في البرلمان. لكن مفهوم الأغلبية في العراق يعتمد في التصويت بناءً على توجيهات الكيانات التي تتحكم بممثليها من بعيد، وأحياناً ترفض الاعتراف بالبرلمان، وتطالب بحله، لمجرد رغبتها في خوض جولة جديدة من الانتخابات لتغيير البرلمان برمته. .
- للديمقراطية في فنلندا أشكالاً متعدّدةً، لكنها قائمة على المشاركة الفعّالة ما بين الحكومة والشّعب، وتعاونهما من أجل تحقيق المصلحة العامة للبلاد. بينما وقع اختيار البعض في العراق على ديمقراطية إحراق الاطارات وتعطيل الدوام المدرسي وغلق الشوارع. .
- في معظم البلدان المتحضرة توجد علاقةٌ وثيقةٌ ما بين الديمقراطية ومجلس القضاء الاعلى، الذي يمتلك حق الاعتراف بشرعيّة الحكومة بعد إخضاع العملية السياسية للقوانين، ووضعها ضمن السياق التنظيمي الصحيح. بينما يحاول البعض تهميش مجلس القضاء في العراق، والغاء دوره. .
- تميل هولندا الى توجيه المواطنين نحو اللامركزية ليصبحوا أكثر وعياً من أجل المشاركة في الديمقراطية، وتُسهم في تقليل نفوذ القوى السياسية، كما تشير إلى مدى اقتراب الحكومة من حُكم الشعب، ولنجاح الديمقراطية ضمن اللامركزية ينبغي توافر موارد بشرية وكفاءة مؤسسية، وتمويل لا مركزيّ. اما في العراق فقد تم استبدال (اللامركزية) بالمحاصصة. حتى صار المواطن نفسه مهمشا تماما في التوصيف الوظيفي مهما بلغ من الخبرات والمهارات. .
- حتى البلدان الآسيوية صارت تسعى لضمان المنافسة الحرة بين المجموعات المختلفة. وتسعى لضمان الشرعية كأداة للتحكم بصراعات القوى والنفوذ بين الأحزاب. بينما تتعذر السيطرة في العراق على الصراع المتأجج بين القوى المتنافسة، التي اختارت التسقيط الاعلامي وسيلة لإقصاء الآخر واستبعاده. .
فالديمقراطية العراقية لم تكتسب الصلابة، ولم تتماسك حتى الآن، بسبب العناد والمتغيرات المزاجية والتجاذبات، والمواقف المفاجئة التي جعلتها سريعة الذوبان، وربما سريعة التبخر. .