بقلم: حسن المياح – البصرة ..
نشرع عجالة بإشتقاق لغوي جذري سريع لجامع الكلمتين المحافظة والمحافظ ، لنرى صدق القول والإجراء فيهما …. والأصل والمصدر هو《 حفظ 》، ومنه تشتق الكلمات البواقي ، من إسم ، وفاعل ، ومفعول ، وصفة ، وحال ، وما الى ذلك من الإشتقاقات . وكلمة 《 المحافظة 》 هي إسم مؤنث محلى بألف ولام التعريفية العهدية ، وهي تدل على إسم مكان وعلى كل ما يحتويه ملكية عائدية ، ولذلك كان الإشتقاق《 المحافظة 》. وأسم المكان هذا يشتمل على موجودات ، وله قابلية إستقبال مدخولات ، لتصبح من ضمن الماهيات المحفوظات إضافة الى الموجودات المسلمات المحفوظات . ويثرى إسم المكان هذا بما هو عليه من موجودات محفوظات ومشتملات ، بما يحافظ عليها ، وما يأتيها من زيادة مدخولات ( التي هي الخدمات ) ، ونماءات متعددات متنوعات مختلفات ، فتكون《 المحافظة 》مخدومة ، وهي في زهو ثراء ، وإمتلاء زيادات مدخولات مضافات … ، ومن أجل كل هذا ، هي سميت محافظة ( بفتح الظاء ) ، أي بمعنى ما يحافظ عليها ……… وعكسها ، وضدها ، وما هو مناقضها ومقابلها ، فتصبح التسمية《 المحافظة 》( بكسر الظاء ) وهي الخادمة ، المسلوبة ، المأخوذ منها ، المنهوبة ….. والذي يسلبها ويسرقها وينهبها ، هو من عين تكليف مسؤولية ، وأداء واجب ، وحفظ وصيانة وبقاء أمانة ، الذي يطلق عليه إسم المحافظ ، وهذه التسمية تصح فيما إذا أدى الواجب بصلاح ونزاهة ، وصان الأمانة ….. وإلا …. فإنه لا يصح أن يطلق عليه لفظ وظيفة《 محافظ 》، لأنه خاس بما أؤتمن عليه من حفظ وأمانة …… ؛ وإنما يصح عليه إطلاق عنوان 《 لص حرامي صعلوك ناهب سارق خائن 》…. ، لأن من مضامين معنى الخفظ ، هي الأمانة ، التي يقابلها الخيانة ….. فلا تعجب لما يطلق على المحافظ العابث الناهب لفظ وعنوان 《 خائن 》، وهو المتفاخر بها ، لأنه يظنها ، ويعتبرها ، ويمارسها فن مهنة قيادة ، وإحتراف حراك سياسة ……
فالمحافظ هو عنوان وظيفة حفظ وحراسة أمانة ؛ وليس هو المحافظ الذي يتصرف على هواه ومزاجه ومنفعة جيبه ، وخدمة ذاته ، وما اليه ينتسب …. فيكون بذلك هو الخائن الذي أؤتمن فخاس ، وخان ، وغدر ، وخدع ، وسلب ، وسرق ، ونهب …. والتعبير الأفضل هنا الذي يصح أن يطلق عليه هو الصعلوك اللص الخائن ، السارق الصعلوك الناهب ، السافل الذي تاجر بالأمانة التي هو مستخدم توظيفآ للحفاظ عليها ، وصيانتها ، ودفع الأذى والضرر عنها … وإعادتها الى صاحبها بما هي عليه كائنة ، وأفضل من حالها ، لأن المحافظ الأمين قد إستلم أجره على حفظها ، وصيانتها ….. ولا فضل له بذلك ، إلا أنه أدى الواجب بإخلاص ، وحفظ الوديعة بأمانة ، وصانها ….
ومن كل هذا ، يتبين أن المخدوم والمحافظ عليه تمامآ وكمالآ ، هو《 المحافظة 》، وأن المحافظ هو الخادم لها ، والأجير عندها للمحافظة عليها ، والإعتناء لصالحها وصلاحها ، وخدمتها وصيانتها ، الذي يحفظها بأمانة ونزاهة ، ويحافظ عليها أداء واجب مقابل أجر يتفق عليه ، يسمى الراتب ( المرتب ) الشهري الذي يتقاضاه كل نهاية شهر تقديم خدمة لها حلالآ زلالآ ، لا سلبها والتصرف بها بما يخدم حاله مكيافيلية منفعة ذات سحتآ حرامآ ، وإسكات من هو مسؤول يراقبه { النواب } بما يغدق عليه رشوة ، وما يقدمه له ترغيبآ ، ويتابعه ، ويتفحص عمله …..
ولكن الملاحظ ، والملامس ، والذي يجري …. هو العكس ، والإنقلاب ….. لأن المحافظ هو الذي يخدم ( بضم الياء وفتح الدال ) وتقدم له منافع المحفوظات ومدخولات المحافظة ، ليتمتع ويتصرف بها وفق رغباته ، وتحقيق مشتهياته ، وإشباع نزواته ، وهو الذي يسلبها وينقصها ، وهو الهادر لموجوداتها ، واللاحافظها …… و《 المحافظة 》هي الخادمة التي تخدم ( بكسر الدال ) ، وتقدم حق الطاعة إغتصابآ وقهرآ ، وإستيلاءآ ونهبآ ، لمن هو كان المفروض به (( ** أي المحافظ ** أن يكون خادمها ، والموظف الذي يسهر ويتعب ويبذل الجهد على حفظها وسلامتها وحسن صنع أداء واجب صيانة أمانتها وتأمينها )) ….
فالإشتقاق اللغوي الذي هو الأساس في التسمية والعنونة ، لما يتبع جري معنى ومضمون ، وعلى أساسه المسؤول المكلف يكنى ، ويلقب ، ويسمى …. ؛ ولكن لما يستخدم هذا الإشتقاق ممارسة سياسية ….. ، فإنه ينقلب عقبآ على رأس ، ويمشي على توجهات رأسه ، ورافعآ رجليه فوقآ وعلوآ يرافس وينافس جلب مال وسلطان سحت حرام …..
وهذا هو الذي يجري عندنا في العراق العظيم المسلوب المنهوب ….
ورب سائل يسأل ويقول ، وما هو نوع النظام الحاكم ….. فنجيبه بكل يقين ووعي ، وتعقل وملامسة تجربة ، ومعرفة وهدوء ، أن نظام الحكومة الإتحادية هو نظام برلماني ، وهو غير ملتزم به ، لضعف ( أو قل غياب ) البرلمان على الدوام ….. ونظام الحكومة المحلية هو نظام《 طغيان 》دكتاتوري إستبدادي متسلط متفرعن ناشط فاعل …… ويمكنك أن تسأل كذلك جهينة عن نوع النظام الذي يحكم العراق ، ومحافظاته …. وهذا هو كذلك خبرها المستفاد المتأكد منه اليقين ….. الذي ستجيبك به …..