بقلم : أياد السماوي ..
بعد فضيحة سرقة القرن المدويّة والفضائح التي بدأت تطفو على السطح , لم يعد الحديث عن أسوأ حقبة للحكم مرّ بها النظام السياسي القائم في العراق يحتاج إلى دليل أو إثبات , فالرأي العام والشعب العراقي بدأ يتعرّف على حجم الدمار الذي ألحقته حكومة مصطفى مشتت بمؤسسات الدولة العراقية ونظامها السياسي القائم .. وقد يعتقد البعض أنّ الدمار الذي الحقته حكومة الكاظمي في هيكل الدولة ومؤسساتها يقتصر فقط على التغييرات الهيكلية التي أجراها الكاظمي في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وما رافق هذه التغييرات من فساد ونهب للمال العام لم تشهده الدولة العراقية منذ تاسيسها عام 1921 وحتى الوقت الحالي , بل أنّ أخطر ما نتج عن هذه الحقبة السوداء , هو أنّ الجميع بدأ يرى نفسه أنّه يصلح أن يكون رئيسا للوزراء , بعد أن وصل لهذا المنصب شخص لا يحمل غير شهادة مزوّرة للإعدادية وجاهل لا يفقه في السياسة والاقتصاد والإدارة شيئا , شخص جاء من المجهول ولا أحد يعرف كيف اخترق هذا الجاهل الذي لا يستطيع أن يتحدّث بجملة مفيدة واحدة النظام السياسي القائم .. ويبدو أنّ قصّة اختراق الكاظمي لنظام الحكم قد استهوت جاهلا آخر بنفس المواصفات , هو الآخر لا يحمل حتى شهادة المتوسطة , قد اخترق النظام السياسي القائم واستطاع أن يكوّن شبكة علاقات واسعة مع أقطاب النظام ورجال السياسة في البلد , وليس من المستبعد أن تدفع به أجهزة المخابرات الدولية التي دفعت بالكاظمي لرئاسة وزراء العراق , أن تدفع به لرئاسة وزراء العراق مستقبلا , ذلكم هو صاحب مركز الرافدين للحوار ( زيد الطالقاني ) ..
ولعلّ التخريب الأكبر الذي أصاب مؤسسات الدولة وألحق بها أضرارا كبيرة وبالغة , هو ذلك التخريب الذي لحق بجهاز المخابرات الوطني العراقي , الذي تحوّل في زمن الكاظمي إلى جهاز للتجسس على السياسيين والكتّاب والإعلاميين المناهضين لحكومة الكاظمي .. وإذا كان دولة رئيس الوزراء الجديد محمد شياع السوداني قد بدأ يوم أمس بالخطوة الأولى التي تتعلّق بإلغاء كافة القرارات التي اتخذتها حكومة تصريف الأعمال ابتداء من 8 / 10 / 2021 وحتى 28 / 10 / 2022 , فإنّ إزالة آثار حقبة الكاظمي السوداء تحتاج إلى إعادة النظر بكافة القرارات التي اتخذتها حكومة الكاظمي ابتداء من اليوم الأول لتسلمه رئاسة الوزراء وحتى يوم رحيله غير مأسوفا عليه .. وإزالة هذه الآثار يحتاج بكلّ تأكيد إلى عمل دؤوب ومضني وإرادة قوية وشجاعة , ولا اعتقد أنّ رئيس الوزراء الجديد يفتقد لأيّ من هذه الصفات , لكن هنالك أولويات ينبغي الشروع بها قبل غيرها , وهي أولا استكمال بناء مكتب رئيس الوزراء بالكامل , وهذا يتطلّب أولا عزل وإعفاء كلّ من كانت له صلة بمكتب الكاظمي , وتعيين مديرا جديدا للمكتب لا صلة له مطلقا بكافة القوى السياسية ومشهود له بالنزاهة والوطنية والإخلاص للوطن .. فإذا كان للفساد أبواب عديدة , يبقى مكتب رئيس الوزراء هو الباب الأوسع لهذا الفساد , فخلال كلّ الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد سقوط الديكتاتورية , كان الباب الأوسع للفساد يجري من خلال مدراء مكاتب رؤساء الوزراء الذين تعاقبوا على الحكم , ولعلّ مكتب رئيس الوزراء السابق الكاظمي هو الأكثر فسادا وتخريبا للدولة ومؤسساتها .. فخطوة الإصلاح المنشود والثورة على الفساد تبدأ من اختيار مدير مكتب رئيس الوزراء ..
في الجزء الثاني من هذا المقال سيكون مخصصا للتخريب والتدمير الكبير الذي أصاب جهاز المخابرات الوطني العراقي وما هي الحلول لإعادة هذا الجهاز الأهم في الدولة العراقية إلى الدولة العراقية ..
أياد السماوي
في 02 / 11 / 2022