بقلم _ عباس الزيدي ..
في اطار المساعي لتطبيع علاقات أنقرة ودمشق انباء عن عقد اجتماع رباعي في موسكو يضم نواب وزراء خارجية كل من روسيا وإيران وسوريا وتركيا لمشاورات فنية
تمهد الطريق للتفاوض الفعلي على مستوى وزراء خارجية للدول الأربع لتحقيق هدف استراتيجي وهو تطبيع العلاقات السورية – التركية وانهاء التواجد العسكري التركي في سوريا •
وتتبنى تركيا ثلاث قضايا رئيسية هي التنسيق في الحرب على الإرهاب و دفع العملية السياسية في سوريا لمواصلة مسار آستانة الدبلوماسي لحل الازمة وعودة اللاجئين •
السؤال المهم في ظل التقارب الحاصل ماهي الاثار المترتية على ذلك دوليا وبالخصوص على مستقبل الناتو….؟؟؟
والثاني على مستوى الارض في سوريا وانتشار القوات وقواعد الاشتباك …؟؟
●نظرة عامة
اختلفت سياسة الحكومة التركية عما قبل واصبحت أكثر ندية للولايات المتحدة والاتحاد الاوربي ويكاد يكون المفصل المهم يتمثل بالتقارب مع الصين بعد تعزيز علاقتها مع دول الخليج، والشرق الأوسط، والبلقان، والقوقاز، ووسط آسيا راعت فيها المصالح التركية بعد ان ركبها الياس من الانضمام الى الاتحاد الاوربي وكذلك المواقف الامريكية ومواقف الناتو من تركيا اوردغان ومن أخطرها موففهما من الانقلاب الفاشل وكذلك تقرب واشنطن و سفرائها من المعارضة التركية واثارة الازمات الاقتصادية وتورط عموم اوربا و امريكا في دعم أكراد تركيا والرفض الاوربي لتقديم مساعدات الى اللاجئين فب تركيا التي استخدمتهم تركيا كاحد الاوراق الضاغطة على أوربا يضاف الى ذلك المواقف من الناتو حيث قضاياها الشائكة مع اليونان العضو في الناتو واعتراضها على انضمام كل من فلندا والسويد وضعف التسليح وامتناع واشنطن على تنفيذ صفقة الطائرات الامريكية موضع الجدل F16 المحدثة وموقف الاتحاد الاوربي وامريكا من بعض العمليات العسكرية التركية ( غصن الزيتون ونبع السلام) في سوريا والدعم اااوربي الامريكي للاكراد •
وعلى النقيض من ذلك
فتحت موسكو الباب أمام الاستيراد من تركيا بعد استعادتها لجزيرة القرم، وعملت على حلحلت الخلافات السياسية بينهما في كل من سوريا وأوكرانيا وفي سياسة مدروسة رحلت ملفات اخرى ذات البعد الاستراتيجي(البلقان وآسيا الوسطى) من خلال اتفاقات وتفاهمات وضعت المصالح كأولوية في ظل المتغيّرات التي يشهدها العالم اليوم حتى على مستوى التسليح قامت روسيا بتزويد تركيا بمنظومة الدفاع الجوي الحديثة S400 وأثمرت العلاقة بين روسيا وتركيا وانعكست على مستوى العلاقة بين الاخيرة والصين التي دخلت بقوة في منطقة غرب اسيا ( الشرق الأوسط ) •
سيطرة روسيا على جزيرة القرم كان تحولا كبيرا للعلاقة بين انقرة وموسكو رغم امتعاض روسيا من تركيا لتزويدها اوكرانيا بعدد من الطائرات المسيرة نوع بيرقدار •
التقارب الروسي التركي يضمن للاخيرة الولوج في اكبر المشاريع الاقتصادية في العالم وهما طريق الحرير والشمال والجنوب ويجعلها اكثر استقلالية وتضمن لها مقعد مريح في النظام العالمي الجديد متعدد الشراكة
كذلك ربما تتكرر على نحو عالي الاستراتيجية عملية تصدير الحبوب الاوكراني باتفاق معلن وتنسيق مع موسكو من خلال اطلالتها عبر البحر الاسود ومضيق البسفور على الشراكة التركية الروسية الناجحة في البحر الابيض المتوسط ليس على مستوى سوريا وتوسع المحيط القاري لانقرة بل يمتد الى الجزائر بلحاظ القواعد البحرية الروسية هناك وبالتالي تجد مجالا رحبا واوسع تستطيع من خلالها أنقرة ان تكون لاعبا رديفا مع روسيا على مستويات مختلقة لعل من اهمها تصدير الغاز والوقود وحركة التجارة الى عموم اوربا سواء الروسي او غيره عن طريق تركيا •
علما ان واشنطن لازالت تساوم تركيا وتصغط عليها باوراق متعددة •
لعبت روسيا مع إيران دورا مهما في حلحلة الازمة التركية السورية منذ انطلاق مباحثات استانة واليوم وصلت الى مراحل متقدمة وعما قريب سنرى تفاهم تركي سوري على غرارماحصل بين السعودية ومصر المنافستين لتركيا في المنطقة يضاف الى اليهما من الاسباب اثار الزلزال والوضع الاقتصادي و ملف اللاجئين والواقع الانتخابي وايضا ملف أكراد تركيا والمعارضة وكلها اسباب تدفع اوردغان لوضع حلول جذرية وتفاهم مع سوريا الاسد وبالتالي الموقف المعارض لسياسات الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة الذي ينعكس على بقاء تركيا او عدمه في الناتو •
ان تجارب تركيا وتحالفاتها القديمة خصوصا فيما يتعلق بالحرب العالمية الاولى والثانية وانسحاب ذلك على تركيا تأريخيا وجغرافيا( الإمبراطورية السابقة ) يجب ان تاخذه في الحسبان ويكون له نتائج ذات اثر عميق وهذا يضاف الى المنفعة التي تخص كل من روسيا وتركيا والصين على المستوى العالمي وإيران وتركيا على مستوى المنطقة وضرو.رة استمرار التفاهم والتنسيق بين انقرة وطهران لتفادي تصادم الامبراطوريتين الذي يسعى اليه البعض•
اولا _ على مستوى العلاقة مع الناتو …..
بالاضافة الى ماتم ذكره سابقا _ هناك أسباب ومؤشرات اخرى تجعل تركيا تنسحب من حلف الناتو منها ……
1_ معرفة تركيا برغبة الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية لازاحة اوردغان خلاف رغبة روسيا وإيران ولاحقا الصين بضرورة بقائه في السلطة مما يجعل الاخير ان يميل الى المعسكر الشرقي على حساب الغربي
2_ خلاف مايشاع عن سياسة التوازن التركية فان بناء علاقة وشراكات كبيرة على نحو استراتيجي مع كل من روسيا والصين وموقف الناتو من تلكما الدولتين كفيل بخروج انقرة من الناتو على المستوى القريب او البعيد
3_ لايمكن باي حال من الاحوال ان تكون تركيا ساترا لحماية اوربا او احد خطوط الصد بالضد من روسيا وايران في حالتي الحرب والسلم لان مابينهما من مشتركات اكثر بكثير من الغرب
4_ جوارها وعمقها يحتمان على تركيا مراعاة ترتيب اوراقها بما ينسجم مع حجوم ذلك ( الجغرافي والثقافي والاجتماعي )
5_ توجهات المنطقة الاخيرة دول الخليج عموما و السعودية ومصر على الخصوص وعموم الامتين العربية والاسلامي يجبر انقرة على الحذو بالتغيير من الغرب الى الشرق
6_ المشاريع الاقتصادية الكبيرة ( طريق الحرير ومشروع الشمال والجنوب ) ومدى علاقةتركيا بذلك وازدهار اقتصادها يحتم عليها الانقلاب على الناتو المعادي لكل من الصين وروسيا وايران
7_ سياسة الامر الواقع التي تخص نظام عالمي متعدد الأقطاب يفرض على تركيا العمل بواقعية الانعتاق من الناتو
8_ ملف الاقليات موضع استثمار من قبل الاجهزة الاستخبارية ومنهم الاكراد في المنطقة الذي تراهن عليه امريكا واسرائيل لاستهداف العراق وإيران وسوريا لذلك يبقى الخلاف بين تركيا وامريكا حول هذا الملف
الخلاصة _
ان القصة بدأت بالتقارب التركي الصيني ولن تنتهي ……
وان الضريبة التي يدفعها الاتحاد الأوربي جراء الهيمنة والسياسة الامريكية التي تحاول اضعاف اوربا وتجعلها تسير تحت ركابها هي احد الاسباب التي تقف وراء تفكك الناتو واولى امارات ذلك خروج تركيا
وسيترتب عليها اثار اخرى في القريب العاجل مثل……
1_احتواء افغانستان ومحاولة دمجها في النظام العالمي الجديد
2_ تسوية الخلاف بين ارمينيا و اذربيجان من جهة وتفاهم بين تركيا وارمينيا كذلك تفاهمات عالية المستوى بين ايران وأذربيجان من جهة اخرى (المشاريع الاقتصادية سوف تفرص نفسها بقوة على مستقبل العلاقات )
3_ ايقاف ارسال عناصر الارهاب من سوريا للقتال في أذربيجان واقليم كارباخ وربما ليبيا
وايضا انحسار موجات عناصر الارهاب المرسلة من سوريا الى اوكرانيا لقتال القوات الروسية
4_ تسويات مابين الهند وباكستان ومابين الصين والهند بواقع المشاريع الاقتصادية والمصالح المشتركة المشار اليهما
ثانيا _ الاثار المترتبة على مستوى الانتشار وقواعد الاشتباك على الارض في سوريا
1_ ستبقى القواعد ونقاط الانتشار التركي على حالها ويعتبر من متطلبات المرحلة ويتم ترحيلها الى امد بعيد وسيعمد الى التنسيق وتوزيع المهام في مواجهة تنظيمات الارهاب مع الجيش العربي السوري وربما تتحرر بعض القطعات السوريةومن بعض المناطق لتولي مهام اخرى
2_ تامين الشريط الحدودي بواقع 5كم سيبقى على ماهو عليه
3_ سيتم التنسيق بخصوص المعابر والتجارة المشتركة
4_التوقف الجزئي لعمليات التغيير الديمغرافي الذي تقوم به تركيا
5_ انعطافة وتغيير في بعض مهام مايسمى بالجيش السوري الوطني الذي ترعاه تركيا مع انحسار لمايسمى بالحكومة السورية المؤقتة
6_سيعمد الى عودة بعض اللاجئين والعمل على المصالحة وسيتم التركيز على تفكيك احرار الشرقية وعودتهم الى موطنهم من راس العين الى دير الزور
7_ محاصرة ادلب من خلال التنسيق المشترك والعمل على تحريرها
8_ العمل المشترك على مواجهة وحدات حماية الشعب التابعة للاتحاد الكردستاني pkk و قسد والتنظيمات الارهابية المدعومة من قبل امريكا والخليج
9_ بالتنسيق والانفتاح الخليجي وخصوصا السعودية والامارات على سوريا ستكون تنظيمات داعش مكشوفة مما يساعد في مواجهتها
10_ من الاولويات ان تكون المواجهة مع الارهاب والتنسيق السوري التركي في ريف حلب الشمالي
11_ ستكون ردة فعل قوات الاحتلال الامريكي متمثلة بالتالي
اولا _ محاولة اعادة السيطرة على بعض التشكيلات الارهابية المنضوية تحت مايسمى بالجيش الوطني او العمل على زرع الانشقاقات وتغيير الولاءات مثل فرقة الحمزة والسلطان مراد
ثانيا _ ارتفاع وتيرة عمليات القتل والاغتيالات لنشر الفتن والتعبئة والاستقطاب لصالح الاحتلال الامريكي
ثالثا _ التركيز على كل من الحسكة ومنبج
رابعا _ الضغط المباشر على العراق وتحريك داعش لشن هجماتها من وادي حوران صعودا باتجاه الحضر ومناطق غرب الموصل للسيطرة
على الحدود لتامين الاتصال والتوصل مع كل من الحسكة ومنبج
خامسا _ اذا تعذر تامين راس جسر مع الحسكة عن طريق التنظيمات الارهابية المدعومة من قبل امريكا ستجد قوات الاحتلال الامريكي نفسها مضطرة للاندفاع بنفسها لتامين ذلك والحرص على الانصال بشمال العراق واربيل بالخصوص
سادسا _ من المفروض ان تندفع قوات الحيش العربي السوري والمقاومة السورية باتجاه شرق دير الزور لقطع الطريق من التنف الى الحسكة وتوسيع رقعة سيطرتها على البوكمال والامر ذاته ينطبق على تدمر ومقترباتها
سابعا _ من الاوليات المهمة هي تامين كل من حمص وحماة وحلب وريفها
ثامنا _ ان عملية تامين وتحرير مناطق الحسكة ومنبج وادلب لن تتم الا من خلال التنسيق المشترك بين تركيا وسوريا
تاسعا _كل المؤشرات والمعطيات تشير الى ان مركز الصدام والمواجهة الدولية في سوريا ستكون في الحسكة على نحو استراتيحي
انتهى …..