بقلم : عدنان الفضلي ..
دائماً ما يكون “الرائي” هو الأعلى مرتبة في بثّ رؤيته، كونه يمتلك الأدوات الكافية لسرد الحدث، فكيف إذا كان هذا “الرائي” شاعراً، عاش الحكاية من “ألفها” الى “يائها” حتماً ستحتدم الحكاية، وسنجلس القرفصاء قبالة الرائي الذي سنصدقه حتماً كونه “هو الذي رأى” وهو الشاعر الذي عاش في كنف المكان الذي يحدثنا عنه.
هذه المقدمة أسوقها أنا أقرأ نصاً كتبه الشاعر الميساني العذب، الذي لم تسرقه غربته من إنتمائه الى مكان يعشقه، وأقصد الشاعر (فالح حسون الدراجي) العاشق لمكان فخم اسمه (مقر الحزب الشيوعي) فهو وبمجرد سماعه بوضع حجر الأساس لمقر جديد لهذا الحزب الذي عاش معه أجمل سنوات فتوته وشبابه، حتى تدحرجت المفردات الشعرية من نبضه الى ذاكرته لتتساقط على الورق أبياتاً شعرية، كانت بمثابة درس عظيم في الوفاء والإنتماء، وها هو “الرائي” يقدم لنا الشعر انثيالا بصيغة شهادة لا يجيد كتابتها سوى الراسخين في الشعر والوفاء.
الجميل في الموضوع وهو (خبر عاجل) أن فالح حسون الدراجي لم يكتف بكتابة النص، بل أحاله الى أكثر من ملحن من أصدقائه، واستمع الى الألحان المقترحة، ووقع الاختيار على لحن قدمه الملحن والموسيقار الكبير جمال عبد العزيز السماوي، ثم حرّك ذائقته بحثاً عن صوت عذب يمكنه إيصال النص واللحن الى المتلقي الصعب، وأقصد الى جمهور الحزب وأصدقائه ومحبيه، وهنا حتماً سيجد قبالته مطرباً تميز بالعذوبة والشجن السومري وذلك هو الفنان الرائع مالك محسن، ولم يكتف الدراجي بذلك بل بحث عن موزع يستطيع احتواء النص واللحن ويضيف له لمسة إبداعية، ولن يجد أفضل من الموسيقار المبدع إبراهيم السيد خبير الموسيقى والباحث في الوتريات، وحتماً لن يقبل الدراجي أن تسجل الأغنية في (ستوديو) متواضع فاختار المكان الأفضل وهو (ستوديو حكمت) وبذلك اكتملت أركان العمل ولكن لن تكتمل فرحة الدراجي حتى موعد الإنتهاء من تصوير الأغنية وبثها للجمهور الذي ينتظر بشغف هذا الفعل الإبداعي الكبير المطرز بالوفاء.