بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
فوجئ العالم في الأيام القليلة الماضية بدخول سمكة قرش في التراشقات السياسية، وفي الاتهامات المتبادلة على أثر هجوم مرّوع راح ضحيته سائح روسي في عنفوان شبابه، فقد حياته في مياه الغردقة على الشاطئ الغربي للبحر الأحمر. فظهرت عالمة البحار والمحيطات (هالة سرحان) بتصريح اتهمت فيه جهات دولية متورطة بإرسال السمكة عمداً لتخريب موسم السياحة في مصر. مؤكدة على وجود مؤامرة دولية، اشتركت فيها أطراف عربية، هي التي سلطت السمكة على مصر، وإنها تسللت خلسة عبر قناة السويس متسترة خلف سفينة تجارية عابرة. فيما قامت الأجهزة المصرية بانتزاع اعترافات السمكة المتلبسة بالجرم المشهود بإشراف اللواء البرمائي عمرو حنفي. بينما أطلقت وزارة البيئة بياناً نارياً ملتهباً عبرت فيه عن غبطتها وسعادتها بالقبض على السمكة المجنونة بنت المجنونة. وأدانت في بيانها سلالة القروش في الكاريبي والفلبين ومضيق ملقا والقرن الإفريقي. .
وهنالك رواية أخرى تقول: ان سفينة عابرة كانت محملة بالماشية ألقت في البحر بعض الخراف النافقة فكانت بمثابة الطعم الذي أغرى القروش والوحوش بالاقتراب من الساحل. وقال آخرون: ان القرش النمر تعرض للتنويم المغناطيسي قبل إرساله بتخطيط مسبق تحت جنح الظلام لضرب السياحة وإنعاش مصادر الدخل الأجنبية. .
اللافت للنظر ان الإعلامي (ثامر أمين) ادلى بتصريح متلفز في العام الماضي اتهم فيه دولة قطر بارسالها سمكة القرش الحوت إلى سواحل مصر، زاعماً أنها تسببت بموت السائحة النمساوية. بمعنى ان سمكة القرش غادرت السواحل القطرية بمهمة سرية قطعت فيها الخليج العربي كله من شماله إلى جنوبه، ثم عبرت مضيق هرمز، ودخلت خليج عمان، ثم توجهت نحو بحر العرب، ومنه إلى خليج عدن، فمضيق باب المندب، وتوجهت بعد ذلك شمالاً من ميناء الحديدة اليمني إلى خليج السويس، وكانت تتلقى الرسائل المشفرة من وقت لآخر لتنفيذ المهمة على الوجه الاكمل والعودة إلى قواعدها في ميناء حمد. وقال شهود عيان ان زعانف القرش العلوية كانت قطرية الطراز وملونة باللون العنابي. وهكذا تتكرر المغالطات والاكاذيب والاتهامات الباطلة بلا هوادة وبلا توقف. .
المشكلة ان هؤلاء لا يعلمون ان البحار والمحيطات هي المكان الطبيعي لكل أنواع القروش والحيتان والدلافين، وهي موجودة على وجه الاعتياد في السواحل والخلجان والمرافئ. ويتعذر تجنيدها وتحريضها وترويضها وتوظيفها لتنفيذ المهمات التخريبية والارهابية. .
يبدو ان كمية الحشيش التي يتناولها بعض الاعلاميين ليست من الصنف الممتاز، أو من الأصناف المضروبة والمغشوشة. وبات من المؤكد اننا سنسمع المزيد من التهريج الساخر في العام القادم. .
ختاماً نتقدم بأحر التعازي للأسر التي فقدت ابناءها في البحر، وتباً لقروش الاعلام الممولة بقروش السلطات الحاكمة، فقروش البحر أرحم بكثير من قروش السيرك السياسي، لأن قروش البحر وعلى الرغم من شراستها وتهورها لكنها لا تجيد الكذب ولا التضليل ولا النفاق. . .