بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
السنجليورتي (singularity) وتعني التفرد، لكن هذه المفردة وقبل الخوض في صلب الموضوع، ظلت تحمل خصال التعسف والاستبداد والتسلط والاستعباد في المضمار السياسي، الذي يكون فيه الطغاة هم الذين يتفردون وحدهم بالسلطة، فما بالك عندما يصبح هذا التفرد أو (السنجليورتي) محتكراً بيد روبوتات الذكاء الاصطناعي، التي قد تتحكم بمصير الإنسان، فيصبح خاضعاً لتوجهاتها ورغباتها ؟. .
نحن نتحدث هنا عن مرحلة افتراضية وشيكة الوقوع، ينحسر فيها الذكاء البشري تدريجياً، لتصبح الغلبة والتفوق والهيمنة بمرور الأيام بيد منظومات الذكاء الاصطناعي، التي سوف تكون متفردة في تصنيع أدواتها وآلاتها وبرامجها بمعزل عن الإنسان، وأسرع وأدق منه. وقد تصبح الآلات العملاقة قادرة على تصميم وبناء آلات أكثر تقدماً منها، عندئذٍ يقع الإنسان فريسة لذكائها المتزايد باستمرار، ويدخل في مرحلة لا يستطيع فيها فهم التقنيات التي انتجتها المنظومات الاصطناعية المتفردة برأيها. .
ربما يعتقد الكثيرون بحتمية هذه المرحلة، بينما يعتقد آخرون أننا قادرون على منعها والتصدي لها بالاعتماد على سياسة التنظيم الدقيق لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. .
فمع توسع سوق الذكاء الاصطناعي، وتغلغل حالات استخداماته في كل صناعة، يتردد السؤال بين الحين والآخر عن السنوات المتوقعة لتفرد الذكاء الاصطناعي ؟. أي متى يصبح الذكاء الاصطناعي مدركاً لذاته، ومتى يصبح قادراً على تحسين خطواته بنفسه وخارج نطاق سيطرة الانسان ؟. وهذا هو مصدر القلق المنطقي الذي بات يحوم حول مستقبلنا، وهو بالتأكيد مبعث مخاوفنا هذه الأيام. سيما أن الذكاء الاصطناعي أضحى على مسافة قريبة من نقطة التحول. .
لا شك ان الذكاء الاصطناعي الذي نتعامل معه اليوم ليس ذكياً بما يكفي لمقارنته بالدماغ البشري. لكننا نخشى ان نستيقظ في يوم ما لنجد انفسنا تحت رحمة الروبوتات الذكية، وقد نصحو من غفوتها لنجد الروبوتات منتشرة في كل مكان، وقد نضطر للفرار واللجوء إلى الكهوف والغابات هرباً من حرب قد تندلع بين معسكرين من معسكرات الذكاء الاصطناعي. أو تصبح منظومات التفرد الآلي هي التي تقود المعارك على جبهات القتال بين البلدان المتناحرة. .
ضمن هذا السياق حذر رؤساء شركات (أوبن إيه آي)، و (غوغل ديبمايند)، من هيمنة الآلات على البشر. وأشاروا الى التطور العائل الذي احرزه روبوت الدردشة (تشات جي بي تي)، الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي للإجابة على الأسئلة. أو إنشاء رسائل فورية مشفرة بناءً على طلب المستخدمين. فخلال شهرين فقط، وصل مستخدموه إلى 100 مليون، وهو رقم استغرق تطبيق انستغرام عامين ونصف العام للوصول إليه، وقد اثار هذا النمو تكهنات مخيفة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل البشرية. .
وللحديث بقية. .