بقلم: هادي جلو مرعي ..
كأنه القدر المحتوم أن يكون البنك المركزي العراقي في معرض التصدي لآثار عقوبات واشنطن على عدد من المصارف العراقية المتهمة بتحويل الدولار الى الخارج وتقييد تلك المصارف لتحجيم قدرتها على ممارسة أعمالها خاصة وإن الولايات المتحدة الأمريكية تدعي وجود مؤشرات على نقل أموال عراقية الى الخارج ولفائدة دول أخرى مع رصد بطاقات إئتمانية معبأة بالأموال الى الخارج وهو مايدفع وزارة الخزانة الأمريكية لإتخاذ تدابير قاسية تنعكس بالتأكيد على الإقتصاد العراقي مع شح الدولار في السوق مايؤدي الى إرتفاع كبير في سعر صرف الدولار الضروري لتلبية حاجات السوق المحلية والحاجة الملحة لتوفيره لإستيراد البضائع والمواد الغذائية لكن البنك المركزي العراقي وكعادته في مواجهة الأزمات ماتزال لديه العديد من التصورات والحلول لوقف نزيف الدولار من جهة، وتقليل أثر العقوبات على تلك البنوك التي يمكنها التعامل بالعملات الأخرى سواء كانت بالدينار العراقي أو بعملات دولية أخرى وهو الإتجاه العام لدى دول مثل روسيا والصين اللتين دعتيا الى تبادل تجاري بعملات محلية بالروبل واليوان.
مامن شك في وجود أثر حاسم على عمل البنوك المحلية التي تواجه العقوبات الأمريكية لكن البنك المركزي العراقي على تواصل وثيق مع وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الفدرالي الأمريكي وهو في معرض تحديد مسارات أخرى خاصة وإن واشنطن تركز على أهمية إستقلال قطاع الطاقة في العراق الذي يستورد منتجات كالغاز اللازم لإنتاج الكهرباء وتستورد بعضا من حاجتها الى الكهرباء ويدفع الكثير من الأموال الى الخارج لإستيراد بعض المشتقات النفطية وتحتاج الولايات المتحدة الى تحجيم أثر عقوباتها على الإقتصاد العراقي مع وجود المزيد من الشركات الأمريكية المتخصصة في شؤون الطاقة ومنها الكهرباء ولابد من إتاحة الفرصة لتبادلات مالية مباشرة دون الحاجة الى وسيط مايتيح الثقة في عدم إستنزاف العملة الأجنبية وأعني الدولار بالتحديد الذي كلما قل وجوده كلما زاد ثمنه وكلما زاد الثمن إرتفعت الأسعار وإضطربت حركة السوق والمصارف والتجارة والقدرة على الإستيراد لكن مايبشر بالقدرة على مواجهة تلك العواقب أن معظم العقوبات مرتبطة بتحويلات وممارسات غير قانونية تمت في عهد الحكومة السابقة وهي تحويلات رصد منها ماجعل العقوبات الأمريكية ممكنة ويبدو أيضا أن الحكومة الأمريكية تعمل بتعاون مع الحكومة العراقية على إتجاهات عدة منها حماية الأموال العراقية وتقييد نقلها لكي لايتم تهريبها ودفع الشركات الأمريكية للعمل في السوق العراقية وبتبادل مالي مباشر كما إن البنك المركزي العراقي يمارس دوره بشكل طبيعي ويعمل على تنسيق مباشر مع المؤسسات المالية الدولية ومنها الأمريكية.
في هذه المرحلة نحتاج الى تكثيف الجهود في أوساط الحكومة وقطاع المال العراقي لتقليل آثار العقوبات الأمريكية وإيجاد بدائل سريعة من شأنها حفظ التوازن في الأداء مع مايتوفر لدى البنك المركزي العراقي من خبرات تراكمية وقدرات أساسية وإجراءات أثبتت نجاعتها خلال مناسبات سابقة كان العراق فيها عرضة لعقوبات وإجراءات أمريكية ونحتاج في هذه المرحلة الى الهدوء والعمل المستمر وتجنب الدعايات السلبية التي يمارسها البعض بهدف إحداث إضطراب في عمل الحكومة والبنك المركزي وإثارة الفوضى لحسابات سياسية ضيقة معروفة ومستمرة من وقت ليس بالقليل حيث الجهود مستمرة لإستثمار أي فرصة من شأنها إضعاف الدولة وتخريب مؤسساتها دون التفكير في العواقب التي قد تضر بالجميع ولاتستثني قطاعا من القطاعات وأحرى بنا أن نوجه جهودنا لحماية الإقتصاد وضمان ثقة متواصلة بالحكومة حتى تصل الى مستوى من القدرة لمواجهة تلك التحديات وتقليل ضررها.