بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
عندما تفقد الديمقراطية أنيابها تفقد البلدان أمنها واستقرارها، وتعصف رياح الفوضى في طبقاتها الضعيفة، ويُحسم فيها البقاء إلى الطرف الأقوى، والى الكيانات المدججة بالسلاح، وتصبح السلطات في قبضة المجاميع المتمردة على الاعراف والقيم والقوانين والتشريعات النافذة. وتتحول المحاصصة السياسية إلى مكاسب مقدسة لا ينبغي المساس بها مهما تفاقمت الخروقات ومهما تكررت الاخفاقات. وهذا ما نراه اليوم في معظم المناصب والدرجات الخاصة التي أصبحت مجيرة بالكامل لحساب فئة بعينها، واصبح المتربعون على عروشها من الأباطرة والفراعنة والأكاسرة والبرامكة. وظهرت لدينا طبقات بورجوازية محمية ومدعومة ومعصومة. تعمل خارج التعليمات والضوابط، وغير مشمولة بالمسؤوليات التقصيرية. .
عندما نتحدث عن أنياب الديمقراطية. فإننا نعني بها: الدساتير والقوانين والأنظمة والتشريعات والعادات والتقاليد والأعراف والآداب والقواعد العامة. ولن تستطيع الديمقراطية الدفاع عن نفسها إذا فقدت أنيابها، أو إذا أصاب أذرعها الشلل الرعاشي ولم تعد قادرة على الانتصار للضعيف، وكبح جماح الظالم، وإحقاق الحق بتفعيل قوة القانون وإرساء قواعد العدل والإنصاف. .
المؤسف له هناك من يرى ان أنياب الديمقراطية تشترك في مسمياتها الغلافية في هدف واحد, وهو تمزيق المجتمع ومصادرة الحريات الشخصية, ويرى ان أنيابها أشد فتكاً بالشعب من الدكتاتورية, وذلك لأنها تعزز قوة السلطات التنفيذية والرقابية والتشريعية والقضائية. ولا ندري كيف تتحقق العدالة الاجتماعية في غياب السلطات كلها ؟. وهل من المنطق السماح باغتيال الديمقراطية بإسم الانفتاح والتحرر، وافراغها من أدواتها وواجباتها وصلاحياتها، وتعطيل دورها في المجتمع ؟. . فالديمقراطية بلا قوانين تعني الفوضى، وتعني الارهاب، وتعني التمرد والانفلات والضياع والتخبط والاستهتار. وبالتالي فأن مبدأ سيادة القانون شرط لا غنى عنه في الديمقراطية. .
اللافت للنظر ان بعض الكيانات السياسية الفاعلة في الساحة العراقية تسعى جاهدة نحو الربط بين برامجها الإصلاحية وبين تطلعاتها الديمقراطية. في الوقت الذي تصرّ فيه على التمسك بحصصها من الدرجات الخاصة، التي ورثتها من سلة المحاصصة في ظل التوافقات السياسية القديمة، بينما تسعى في إتجاه آخر نحو تعبئة الجماهير ضد الديمقراطية بأنيابها أو بدون أنيابها. .