بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
سارت سياسة البلد منذ سنوات في الاتجاه المعاكس الذي انتهجته البلدان الواعية والناضجة. المؤمنة بمعايير التوصيف الوظيفي. الداعمة لشعار الشخص المناسب في المكان المناسب وفي التوقيت المناسب. فالكيانات السياسية المتمسكة بقوة حتى الآن بحصصها من سلة الدرجات الخاصة لا تقيم وزناً للمواهب والمهارات والخبرات، ولا تعبء بتراكم سنوات الخدمة، ولديها مفاهيم مقلوبة عن الإصلاح، وترى ان الطريق الصحيح للإصلاح يبدأ بنسف معايير التوصيف الوظيفي، والاعتماد على عناصر من خارج الاختصاص، ومن خارج البيئة الوظيفية، ومن ثم يجري تكليفهم بإدارة المؤسسات التي لا يفهمون فيها شيئاً. .
قد تختلط النزعات العشائرية وقد تتداخل الرغبات الفئوية والتطلعات الانتهازية والعرقية والطائفية في تبرير الخيارات الانتقائية وفي تفسير القرارات المزاجية. .
فالقرارات التي صدرت منذ بضعة أيام بإعفاء البعض من مناصبهم، لم تبين لنا الاسباب والمسببات التي اضطرت الحكومة لإعفاءهم والاستغناء عنهم، ولم تبين لنا اسماء ومهارات البدلاء. فجاءت القرارات بصيغة الحذف والاستحداث، ومن دون الإشارة إلى المؤهلات العلمية أو المهنية أو المهارية. تماما على طريقة: ذهب عمرٌ – جاء زيدٌ. .
من حقنا ان نتعرف على القواعد السياسية التي تبنتها الحكومة في سياستها الإصلاحية. فكل ما يجري أمامنا هو عبارة عن تعميق ممنهج لمبدأ المحاصصة، وهو المبدأ الذي لم ولن تتنازل عنه الاحزاب المتنفذة. ومن حقنا ان نقلق، ومن حقنا ان نتساءل عن دواعي تنحية مجموعة من المدراء العامين، واستبدالهم بمجموعة اخرى من المدراء العامين. فكل ما نراه ونلمسه ونتعايش معه على أرض الواقع يكاد يكون صورة مكررة لإجراءات تكريس المحاصصة. .
لا نحتاج المزيد من التفسيرات. ولا المزيد من القرارات. كل ما نحتاجه هو القليل من المصداقية في توجهاتنا نحو الإصلاح الحقيقي. .