بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
ثلاث ضربات نهارية علنية عدوانية مستهترة مستفزة وقحة تعرض لها معبر رفح (المنفذ الوحيد الذي يربط سيناء بقطاع غزة) من دون ان تطلق مصر نقنقة دجاجة، حتى الدجاجة عندما تنتفض وتنفش ريشها تتصدى لاشرس الصقور والنسور وتمنعهم من الاقتراب من عشها ومن فراخها. لكننا لم نسمع كلمة واحدة اطلقتها حكومة العسكر للذود عن كرامتها المهدورة، فلا بيان عسكري من وزارة الدفاع، ولا احتجاج رسمي من الخارجية، ولا خطاب برلماني من مجلس الشعب. ولا أية ردود من جامعة العواطلية الغارقة في النوم العميق، ولا نعي أو مواساة للمصريين الذين سقطوا بين قتيل وجريح في ذلك اليوم المشؤوم. الذي كانت فيه طائرات F35 تختار اهدافها بعناية وبلا عناء، وبلا مقاومة من المصدات الأرضية المصرية، فاصابت المعبر برشقات صاروخية مباشرة ومدمرة. .
لم تأت الضربات من باب الصدفة أو عن طريق الخطأ. فقد كان الموظفون العاملون هناك على علم مسبق بها وبتوقيتاتها، والدليل على ذلك انهم ابلغوا الجانب الفلسطيني بضرورة إخلاء المكان تحسباً لضربة جوية وشيكة الوقوع. بل ان سلطات الاحتلال ابلغت حكومة السيسي بانها ستضرب اي شاحنة تجتاز الحزام الحدودي الفاصل، وأمرت مكاتب القنوات الاعلامية المصرية بإخلاء المبنى، وتعطيل البث المباشر ، والانسحاب الفوري نحو سيناء، وهذا ما اعترفت به قناة (النيل). ومع ذلك واصلت القنوات الاخرى بث تصريحاتها الترامادولية عن تحرك قافلة مصرية تحمل المساعدات لسكان غزة المحاصرة، في الوقت الذي كانت مصر بحالها تعلم علم اليقين ان الطريق الواصل بين الطرفين مسدود مسدود، وان البوابات والاجهزة والممرات تحولت إلى مسحوق الدقيق الناعم، وتناثرت مكوناتها في كل مكان. .
وهكذا كان المعبر مغلقا 100% لكن متطلبات التضليل والبطولات الفارغة تتطلب التزييف والتحريف. فعادت الشاحنات المصرية أدراجها مخذولة مدحورة لا تلوي على شيء أمام استهتار اسرائيل وتهورها. تاركة وراءها المعبر مبعثراً منتهكاً ينعق فيه البوم. .
من يصدق ان الدولة المصرية على عظمة وزنها القومي والسياسي تلوذ بهذا الصمت المخجل وتدفن رأسها في تراب سيناء ؟. .
إهانة ما بعدها إهانة، وخذلان يصعب تصوره، وهزيمة منكرة عبّروا عنها بمواقفهم المُذلة. . .