بقلم:د. كمال فتاح حيدر ..
ها نحن عدنا ثانية لحديث التناقضات. فعندما ينوي أي مخلوق تمزيق القرآن الكريم وإضرام النار فيه فان القوانين والتشريعات الاوروبية هي التي تقف معه وتدعمه، وان عناصر شرطتهم وقواتهم الامنية هي التي توفر له الحماية اثناء ارتكابه جريمة الحرق والتمزيق، ثم ترافقه اثناء عودته إلى مقر إقامته والاطمئنان على سلامته، بينما تتكفل وكالات الانباء تصوير العملية كاملة من دون ان يتهمه أحد بازدراء الأديان. وعندما تقرر اي صحيفة أوروبية إظهار الانبياء والرسل بملامح كاريكاتيرية ساخرة لن نعترض عليها المجالس والكيانات والمنظمات الأوروبية والأمريكية. وما أكثر المرات التي سخرت فيها صحفهم ومنصاتهم من الديانتين المسيحية والإسلامية، وربما تذكرون كيف منحتهم السويد وبريطانيا والدنمارك والنرويج وفرنسا ما يسمى بحرية التعبير مع عدم المساس بالسامية. وسمحت لهم بارتكاب الممارسات الاستفزازية المشحونة بالكراهية. .
لكن هذه السياقات لها إستثناءات لا تخطر على البال في السلوك الأوروبي عندما يتحول (نتن ياهو) إلى صورة كاريكاتيرية توثق نداءاته المتكررة إلى سكان غزة بوجوب مغادرة منازلهم ومغادرة مدنهم ومقار عملهم. فقد ارتقى هذا المجرم في منظور إدارة صحيفة الغارديان البريطانية إلى اعلى مراتب التقديس، فقررت فصل رسامها الكاريكاتيري (ستيف بيل) لأنه رسم صورة رئيس الوزراء الاسرائيلي يرتدي قفازات ملاكمة، ويحدد جزء من خارطة غزة، مع ارفاق عبارة (يا سكان غزة اخرجوا الآن)، في اشارة إلى طلب اسرائيل من أهالي غزة النزوح جنوباً، وهو النداء الذي تكرره إسرائيل كل يوم لتنفيذ حملات التهجير والتطهير العرقي، فكان مصير (ستيف) الفصل من العمل، ومصادرة حقوقه في الجريدة على مدى 40 عاماً. .
ثم تدخل البرلمان البريطانية للذود عن (نتن ياهو)، فوصفوا الصورة الكاركاتيرية بأنها: (مسيئة للغاية). .
ولابد لنا من استحضار تناقضات الصحيفة الفرنسية (شارل ابيدو) المعروفة بتوجهاتها المسيئة للمسلمين، والتي كان آخرها استخفافها بأرواح ضحايا الزلزال في تركيا. فقد سمحت لها السياسة الماكرونية بالسخرية من الشعوب والأمم، مع عدم تجاوز الخطوط الحمر المحيطة بالرموز الصهيونية، وعدم السماح لأي انسان باظهار صورة ماكرون بشوارب هتلر . .
ختاماً: هل يستطيع أي مواطن سويدي الآن ان يحرق صورة نتنياهو ؟. الجواب: طبعا لا. وهل يستطيع ان ينشر صورة أطفال غزة ؟. الجواب: طبعا لا. . فقد سقطت اقنعتهم، وبانت عوراتهم. .
وللحديث بقية. .