بقلم: كمال فتاح حيدر ..
إذا سألوك عن مواقف الجامعة العربية، فأذكر لهم موقفها الكبير الذي يتسع لأكثر من مائة سيارة، ولا يبعد كثيراً عن بنايتها العتيدة. هكذا كان يستخف بها الكاتب الساخر جلال عامر حين كانوا يسألونه عن مواقف جامعتنا الموميائية المتحجرة. .
أيعقل ان الباش كاتب (ابو الغيط) لم يسمع بالحصار المفروض على غزة ؟، ولا يعلم بقرار حكومته السيساوية بغلق المنفذ الوحيد الذي يربطها بالعالم ؟. أيعقل انه لم يسمع صرخات المنكوبين وعويل الأطفال المختنقين تحت أنقاض بيوتهم المهدمة فوق رؤوس أمهاتهم ؟. هل يعلم ان اولئك الأطفال هم ساميون أيضاً، وبانهم لم يكونوا طرفاً في المحرقة النازية ؟. وهل من العدل ان يدفعوا ثمن أبادة ارتكبها الأوروبيون في حروبهم الكونية المتهورة ؟. وهل يتعين على أصحاب الأرض ان يقدموا الأدلة على انهم اصحابها الشرعيين ولا ملاذ لهم غيرها ؟. .
ألم يشعر أبو الغيط بتناقضات التمييز العرقي في المكيال الماكروني والبايدوني المتعاطف إلى أبعد الحدود مع أطفال اوكرانيا، والمتغاضي إلى أبعد الحدود عن مآسي أطفال غزة ؟. ألا يرى الحشود الحربية الجبارة الزاحفة نحو قرية وقع عليها الظلم والعذاب والموت رجماً بالصواريخ، أو سحقاً بالدبابات، أو تمزيقاً بالمدفعية الثقيلة، أو خنقاً بغاز الأعصاب ؟. هل فكرت يا (ابو الغيط) بالجرحى الممددين في ممرات المستشفيات المظلمة. بلا غطاء، وبلا فراش، وبلا علاج، وهل فكرت بالموتى الملفوفين بأكفان مستعارة من أغطية الستائر والكنبات ؟. هل حاولت ان تطلب منهم وقف العدوان ؟. هل فكرت بالمحاولة ؟. أدري بأنك لا تخاف الطفل حياً، إنما أدعوك صدقاً أن تخاف من الصغار الميتين. .
حاول يا كبير كهنة الجامعة ان تشعر ولو لمرة واحدة بوجع العرب الذين انهكهم الجوع. وقتلهم القصف والخوف والمرض، وتراكمت عليهم الاحزان والمآسي ؟. .
حاول ان تهدد تل ابيب بإعادة نشر كلمات انشودة الحلم العربي على صفحات حسابك الخاص، وحاول بث الانشودة بمكبرات الصوت في حديقة الجامعة على أقل تقدير. .
البارحة كانت سماء غزة تمطر بالشظايا والقنابل الحارقة، وترعد بأصوات الراجمات والقاذفات، بينما كانت سماء مدينة الرياض تتوهج بالألعاب النارية، وتصدح بغناء شاكيرا وأردافها المرتعشة فوق نعوش موتانا عبر شاشات روتانا. .
انت يا (ابو الغيط) لا تستحق ان تكون هنا في هذا المبنى الفخم، ولو كانت عندك ذرة من الشهامة لأعلنت استقالتك ندماً و أسفاً على فشل جامعتك، ولكن هيهات هيهات، وكيف تستقيل وتستغني عن 600 الف دولار في العام الواحد ؟. .