بقلم: محسن الشمري ..
مجموعة عوامل تكون مؤثرة وتتداخل في أي حدث صغير او كبير، فردي او جماعي، محلي او دولي، قبلي او حضري، ديني او لا ديني، فللتاريخ والجغرافية والمعتقد والانا الفردية والعصبية الجماعية بصماتها التي لا تفارق الاحداث كما لا تفارق بصمات الشخص صاحبها حتى قبره ولا تشابه بصماته بصمات شخص اخر فلذلك درج المثل:لكل حادث حديث وعززت ذلك الكتب السماوية وتجارب البشر طوال سيرتهم، ولهذا كان الاختلاف بين حدث عن الاخر في كينونة الحدث نفسه والكينونة سارت في سيرورته(عداد الثواني لا يتوقف)لا تفارقها طوال الزمن وبقي أمر الصيرورة(فعل فرد او جماعة او امة)متروك للافراد والمجتمعات لكي تاخذ دورها فتترك اثرها وآثارها.
كل حدود دول المنطقة،تم ترسيمها بعد الحرب العالمية الاولى ووقعت عليها بريطانيا وفرنسا وايطاليا وروسيا(الحلفاء المنتصرين في هذه الحرب).
امريكا ورثت قيادة النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية والدول الغربية الثلاث الموقعة على اتفاقية الحدود (سايكس-بيكو)اصبحت في حلف واحد مع امريكا والاتحاد السوفياتي(روسيا)دخل في حرب باردة مع الغرب ضمن قواعد اشتباك متفق عليها منذ ذلك التاريخ الى يومنا هذا.
القانون الدولي ينضم العلاقات بين دول العالم ضمن حدودها المثبتة والمصادق عليها،فما يجري من نزول امريكي بهذا الثقل في القرن الجديد فيه منافع ومضار عالمية آنية ومرحلية واستراتيجية،كل طرف من اطراف الصراع يرفع او يخفض المنافع والمضار حسب الزاوية التي ينظر للامور منها.
حيث ان عدم ضبط وتنظيم الامور من قبل مؤسسة دولية كمجلس الامن الدولي والامم المتحدة والمؤسسات الدولية الاخرى كحقوق الانسان والصحة العالمية والعدل الدولية والطاقة الذرية وغيرها؛يؤدي الى فوضى عالمية وحروب بين الدول ونزاعات حدودية يصعب حصرها والسيطرة عليها،وشواهدها قريبة وحاضرة بعد انهيار يوغسلافيا وغزو صدام للكويت والنزاع بين ارمينيا واذربيايجان وتهديد الصين لغزو تايوان المستمر وغيرها من التحديات والتهديدات.
اهالي غزة ضحية صراع المحاور المتواصل؛حالهم حال باقي الشعوب(كالعراقيين والسوريين واليمنيين والليبيين والافغانيين والفيتناميين والاوكرانيين وغيرهم).
إن عدم الالتزام بقواعد الاشتباك في الحروب يهدد سكان المدن وباقي السكان؛ويحولهم الى ضحايا ومشردين في مخيمات وبين الدول،وهؤلاء المدنيين العزل لا حول لهم ولا قوة.
القانون الدولي وضع معالجات لاوضاع المدنيين اثناء الصراعات والحروب في اتفاقية جنيف الرابعة(12آب1949)،لكن اطراف الصراع لا تلتزم وتلتف على بنود ونصوص هذه الاتفاقية ولا تستمع اطراف الصراع الى نداءات امن السكان وحمايتهم وابعاد ساحات الصراع وخطوط المواجهة عن المدنيين.
ان انطلاق الجولة الجديدة من صراع المحاور في غزة جاء نتيجة الى اخراج الصين وروسيا وايران وتركيا من طرق التجارة الدولية الجديدة وتحويل هذه الدول الاربعة الى دول ثانوية في معادلات النقل الاستراتيجية على المستوى العالمي بين قارات العالم القديم(اوربا واسيا وافريقيا) التي يبلغ عدد سكانها ومساحاتها مجتمعة اكثر من 80% من قارات العالم فلذلك تمثل هذه القارات الثلاث العمود الفقري لاسواق الكوكب ومصادر الطاقة.
ان الطريق الجديد يسدل الستار على الصين وروسيا وايران وتركيا في ان تكون مصدرا ومحطات رئيسية وممرا للتجارة الدولية ويؤهل الدول الاخرى لفرض ما تريده على الصين وروسيا وايران وتركيا عندما تريد هذه الدول الاربعة الانضمام الى الطريق الجديد للتجارة الدولية.
طريق الحرير الجديد الذي تم الاعلان عنه خلال القمة الاقتصادية(G20)في نيودلهي(دولة بهارات-الهند سابقا)،يبدأ من موانئ بهارات(مصنع العالم الجديد)الى موانئ دولة الامارات مرورا بالسعودية والاردن ويصل الى موانئ اسرائيل ومنها ينطلق الى موانئ ايطاليا الى كل اوربا.
الطريق القديم؛الذي طرحته الصين في 2013 تحت اسم(الحزام والطريق) يخرج من الصين(مصنع العالم المنتهي الصلاحية) الى ثلاثة اتجاهات نحو اوربا:
1-شمال بحر قزوين توقف مع انطلاق حرب اوكرانيا.
2-جنوب بحر قزوين توقف باستلام طالبان الحكم في افغانستان.
3-باكستان توقف مع سحب البرلمان الباكستاني الثقة من عمران خان رئيس وزراء واستلام رئيس حكومة جديد بدلا عنه(شهباز شريف2022).
ما قامت به حماس في 7تشرين الاول2023،جزء من مناورات تبقى مستمرة في غزة وفي غيرها لعرقلة تنفيذ طريق الحرير الجديد او لتاخير تنفيذه لكسب الوقت او لدخول الصين وروسيا وايران وتركيا ضمن خطوط ومحطات الطريق الجديدة بشروط اقل واخف.
حرب روسيا واوكرانيا اضعفت الدور الروسي في جولة حماس الجديدة ولن يكون لروسيا نفس الثقل الذي نزلت فيه في شبه جزيرة القرم وسوريا وتركمانستان(تُركمانستان تمتلك رابع أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم)،عندما نزلت لحماية مكانتها في سوق الغاز العالمي من خلال قواعدها في السواحل السورية(طرطوس واللاذقية)،حيث كانت هذه السواحل السورية المكان المفضل لطريق الحرير ونقل الغاز القطري والخليجي الى اوربا.
بقي امر في غاية الاهمية والحساسية يتعلق بحلفاء المتصارعيين المحليين داخل مناطق ودول الصراع،حيث فشلت كل الدول ببناء تحالفات مع اطراف مؤهلة لاقناع اكبر نسبة من المواطنيين في الدول التي تكون ساحات الصراع مشتعلة فيها،فرغم السلطة والنفوذ والاموال المنهوبة والسلاح والدعم الخارجي لحلفاء اطراف الصراع المحليين،بقي هؤلاء في عزلة شبه مطبقة ووقفت حاجز بين الحلفاء المحليين وغالبية الشعوب المحكومة من قبل هؤلاء.
ان سيناريو الانهيار السريع لحكومة افغانستان على يد طالبان بالامكان تكراره في دول ساحات الصراع في اي وقت ممكن ويكون مصير الحلفاء المحليين لاقطاب الصراع مشردين في دول العالم ولا يملكون الورقة السابقة في الحديث عن حقوق المواطنيين والدفاع عن الوطن لانهم انكشفوا عند استلامهم للسلطة فاساؤوا للمواطن والوطن باداراتهم الفاشلة واشاعتهم الفساد وتوسيع رقعة المحرومين واستخدام اساليب التجهيل الممنهج المنتهية الصلاحية بوجود الشبكة العنكبوتية العالمية(Internet)ووسائل التواصل الاجتماعي واطئة الكلفة(توسيع الوعي والمعرفة كماً ونوعاً بالكلفة الصفرية).