بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ارتكبت اسرائيل وما زالت ترتكب جرائم الحرب ضد المدنيين وعلى نطاق غير مسبوق. هذه هي الحقيقة التي يتجاهلها زعماء أوروبا وأمريكا. سوف يحاكمهم التاريخ عما قريب. . علينا ان نقول لهم: (كفى – توقفوا عن قصف المدنيين – توقفوا عن قتل الأبرياء- توقفوا عن إزهاق ارواح الأطفال – ارفعوا الحصار وافتحوا منفذ رفح – أوقفوا زحفكم ولا تصادروا اوطان الناس – منذ قرون وانتم تمارسون أبشع صنوف الطغيان لحرمان الفلسطينيين من حقوقهم الإنسانية الأساسية، منذ قرون وأنتم تنتقصون من حريتهم وكرامتهم – لن يرضى عنكم الله حتى تتحقق العدالة). .
ان هذه المجازر الوحشية ما كانت لتحدث لولا ان الضمير العالمي قد مات. ومات اصحابه، واندثرت معه كل الأخلاق الإنسانية. وصمتت اصوات العدل والحرية وحقوق الانسان صمت القبور، وأضحت الاتفاقيات الدولية حبر على ورق. .
قبل قليل: سمعت الاعلامي البريطاني بيرس مورغان يقول: (ان قصف إسرائيل المتعمد لأكبر مجمع سكني في غزة، حتى لو كان احد قادة حماس هناك، هو فعل مشين ولا يمكن تبريره أو التغاضي عنه). .
وفي كلمة القتها السيدة (بيلارا) وزيرة الحقوق الاجتماعية في اسبانيا أمام جمع غفير من المتظاهرين. قالت فيها: (اعتقد ان الأوضاع المأساوية صارت واضحة الآن، ولا يسعنا إلا ان نرفع صوتنا منذ الآن لنقول: ان ما يحدث في فلسطين ليس حرباً وليس دفاعاً عن النفس، بل إبادة جماعية وتطهير عرقي. . ما تفعله اسرائيل الآن هو ابادة جماعية للفلسطينيين. من هنا وبكل قوة نطالب الحكومة الاسبانية ان تتصرف مثلما تصرفت حكومات بوليفيا وكولومبيا وتشيلي والهندوراس، وان تقطع علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل، ومن هنا نقول لنتنياهو: انت قاتل ومجرم حرب، ونرفض ان نرتبط بدولتك بأي علاقة. دعونا نتبنى موقف النقابات في الموانئ البلجيكية التي رفض شحن الأسلحة على السفن المتوجهة إلى إسرائيل. حين قالوا ان هذه الاسلحة ملطخة بدماء الاطفال. عار علينا ان نقف مكتوفي الأيدي. هذه ليست حرباً وإنما سلوك اجرامي مشين). .
المثير للعجب ان حجم حاملات الطائرات والفرقاطات والبوارج الحربية والسفن الساندة لها اكبر من حجم غزة نفسها. وقد جاءت هذه الأساطيل كلها لتزهق ارواح الابرياء والمدنيين بذرائع ونوايا توسعية تسعى في حقيقتها لإعادة رسم خارطة الشرق الاوسط بشلالات الدماء. فتوالت المجازر في أنحاء القطاع، حتى ارتفع تعداد الشهداء إلى عشرة آلاف شهيد. نصفهم من الأطفال. .
تتوشح شوارع غزة كل يوم بالحزن والوجع والدموع، شهداء يحملون جثامين شهداء. وشهداء يؤدون صلاة الجنازة على أرواح شهداء. تزدحم المقابر بقوافل الراحلين من غزة. نبكي عليهم، ونبكي قلة حيلتنا على الذين مزقتهم قنابل الإجرام الدولي، تبعثروا بين ركام المباني المهدمة ما بين جرحى وقتلى. وأطفال أبرياء ما أبصرت أعينهم على الدينا بعد، وصبيان باتوا يتمنون الموت ليتمكنوا فقط من الحصول على الطعام والهدوء في الفردوس الموعود. .