بقلم: هادي جلو مرعي ..
يمكن القول وبثقة إن العلاقة بين الحكومة الإتحادية وحكومة إقليم كوردستان تشهد تطورا إيجابيا، ويعود ذلك الى مرحلة ماقبل تشكيل الحكومة حيث التفاهم مع الحزب الديمقراطي الكردستاني مع القوى الفاعلة في بغداد بمختلف توجهاتها لصياغة إتفاق سياسي متقدم أفضى الى تشكيل حكومة السوداني التي أخذت على عاتقها الدفع بإتجاه علاقة دافئة يسودها الود الذي تمثل بزيارة متبادلة كان آخرها الزيارة السريعة التي قام بها السيد السوداني الى أربيل، ولقائه بالسيد مسرور البرزاني، وكان واضحا إن هناك لغة مشتركة بين الرئيسين، وهي لغة شراكة، وتفاهم في ملفات عدة قد يقول قائل: إنها لم تحل متجاهلا إن وجهات النظر المختلفة لاتعني القطيعة، بل التواصل المثمر، والبحث عن حلول للقضايا العالقة، وهي لغة طبعت علاقة الحكومة الإتحادية بحكومة الإقليم، ومن بينها القضايا المتصلة بالأموال المستحقة للإقليم، وتصدير النفط الذي يعد ضروريا لديمومة الإقتصاد، وتوفير المستحقات المالية لموظفي الإقليم.
الإيجابية تطبع العلاقة بين رئيس الحكومة الإتحادية وحكومة الإقليم، ومن الواضح تماما إن أربيل لاتبحث عن المشاكل بقدر بحثها عن الحلول والتواصل المثمر لتوجيه الدفة في الإتجاه الصحيح، والذي يؤدي في النهاية الى الوصول الى شاطيء الأمان خاصة وإن التحديات كبرى وإستثنائية في منطقة تغلي وتتوتر وتشتد فيها المنافسة وتتصاعد التدخلات فيها والتداخل في مشاكلها، ووجود أكثر من لاعب دولي وإقليمي يحرص على تأمين مصالحه خاصة وإن العراق يقع في جغرافيا مأزومة تتشابك فيها المصالح ويلعب التاريخ دورا في تحديد مساراتها الحاضرة والمستقبلية التي تؤسس لرسم سياسات ترتبط وتتأثر ببعضها وتشكل قيما فكرية وإجتماعية تتطلب الحرص، وعدم إتخاذ القرارات التي قد تقدح بالمصلحة الوطنية ولاتحتمل الخطأ، بل العمل وفق حسابات دقيقة وواضحة ومتزنة، وعلى أساسها تتخذ القرارات والمواقف، ووفقها تتشكل العلاقات والمصالح، وهذا أثر كثيرا في وضع العراق الحالي بالرغم من وجود منافسة سياسية، وتقاطع في المصالح لدى فئات سياسية تجد الحل في بعض الأحيان من خلال صناعة الأزمات، وتبني الخطابات المتشددة التي سرعان ماتعود عنها عندما تكتشف إن بضاعة التشدد غير رائجة، ولم تعد تستهوي المشترين الذين يبحثون عن الجودة، وعن الجدية، وتحقيق المصالح، دون التسبب بالأذى للآخر. فكيف إذا كان الآخر شريكا وطنيا مهما وفاعلا ومؤثرا على صعد شتى.
المؤمل هو الوصول الى تفاهمات أكبر في المرحلة المقبلة تلبي الرغبة في تنمية الإستثمار والتطلع الى بناء إقتصاد متين يعود بالنفع عن الجانبين ويشكل وسيلة ناجعة لخدمة المواطنين الذين من أجلهم تؤسس الدول وتتشكل الحكومات خاصة وإن الخلافات تنبع من الحاجة الى تأمين مصالح العامة ، ولاتتحقق تلك المصالح إلا من خلال الشراكة الناجحة حيث نلاحظ تطورا في العمل الحكومي في بغداد، ونجاحا وإستقرار وتنمية شاملة في الإقليم، مع خطط وبرامج هادفة ونوعية، وإستقرار أمني وسياسي تحقق بفعل سياسة هادئة ومتوازنة تركز على المشاريع الخدمية والطرق والسياحة وتنمية الموارد والإنفتاح على الخارج، والتأكيد على المصالح المشتركة بين بغداد وأربيل لتقديم نموذج ناجح لعلاقة هادفة ومتينة. فالإستقرار السياسي والإقتصادي يعود بمنفعة غير محدودة على الجميع، ويجب المحافظة على خطوط التواصل والتلاقي، دون التفريط بالمصالح الوطنية ومصالح المواطنين كافة.