بقلم: كمال فتاح حيدر ..
صدق من أطلق على البحر الأحمر تسمية (بحر القلزم)، فسوف تتقلزم فيه السفن الحربية التي جاءت لتأمين سلاسل التوريد الاسرائيلية وحمايتها من هجمات الحوثيين. .
التقلزم في اللغة العربية هو: الموت والاضمحلال والتلاشي، وسوف يكون مصير المدمرات والفرقاطات، التي جاءت لنصرة تل ابيب، هو التقلزم في بحر القلزم. .
كان من المفترض ان تختار الولايات المتحدة اللون الأخضر لتلبية مناشدات الشعوب والأمم، وهي نفسها مطالب الحوثيين. فتتخذ قرارها الإنساني بإيقاف الحرب على غزة. وتسمح بوصول المساعدات الغذائية والدوائية إلى المحاصرين هناك. ويا دار ما دخلك شر. عندئذ تنتهي أزمة باب المندب. ولن تتعرض السفن التجارية للهجمات حتى لو كانت ترفع العلم الاسرائيلي. لكنها اختارت اللون الأحمر الملطخ بدماء الأبرياء. .
اما الآن وبعد ان ازدحمت السفن الحربية في مياه البحر الأحمر وفي مياه البحر الأبيض المتوسط، واقتربت من فوهتي قناة السويس، وحاصرتها من الشمال والجنوب، فان القناة نفسها أصبحت مهددة بالموت خنقاً بداء التقلزم. آخذين بعين الاعتبار ان السفن التجارية غير مضطرة للسير في قوافل تشق طريقها بصعوبة وسط الحاملات والغواصات والمدمرات، ولا تريد المجازفة بالمرور تحت وابل الصواريخ والراجمات. ولا تنخدع أبدا بالصورة السريالية التي رسمها الفريق (مهاب مميش). وشتان بين الملاحة في المساحات الآمنة وبين الملاحة في المساحات الساخنة. ويا روح ما بعدك روح. .
لقد أعلنت أكثر من 20 دولة موافقتها على المشاركة في الشوط الثاني من المعركة التي أطلقت عليها الولايات المتحدة أسم : (حارس الازدهار) وهي اقرب في حقيقتها إلى الانهيار. في حين لم تؤكد بعض الدول مشاركتها، بينما قالت دول أخرى إن جهودها تقتصر بحماية الحركة التجارية في البحر الأحمر، وستكون جزءا من الاتفاقيات البحرية الحالية ولا تريد الانخراط بالعملية الجديدة التي يقودها البنتاغون. وقد أدى الافتقار إلى التفاصيل والوضوح بشأن ما ستفعله الدول إلى إرباك حسابات شركات الشحن، والتي قامت بعضها بتغيير مسارات سفنها بعيداً عن المنطقة بعد ارتفاع وتيرة الهجمات، .
يقول الحوثيون إن هجماتهم جاءت للرد على الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة. .
اما البلدان التي أعلنت المشاركة بسفنها الحربية في العملية حتى الآن، فهي: الولايات المتحدة وبريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا واليونان وأستراليا. واغلب الظن ان حكومة العسكر في مصر ومعها حكومة الوصاية سوف تشترك مع سفن القراصنة ولكن على استحياء (من بعيد لبعيد)، ولا تريد نشر الخبر الآن حتى لا تغضب شعوبها. .
تمتلك فرنسا قاعدة بحرية في الخليج العربي، ولديها قاعدة أخرى في جيبوتي. وفرقاطتها لانغدوك (Languedoc) موجودة الآن في البحر الأحمر. وسوف ترسل ايطاليا الفرقاطة فيرجينيو فاسان (Virginio Fasan) الى المنطقة. وارسلت بريطانيا المدمرة HMS Diamond. وارسلت اليونان فرقاطة واحدة لم تعلن عن اسمها. .
وهكذا توافدت السفن الحربية من معظم البلدان الأوروبية لتزيد الطين بلة، وتضيف الرياح القوية للكارثة، وتضع موانئ البحر الأحمر تحت الوصايا الأوروبية من دون ان تحتج جامعة ابو الغيط، ومن دون ان تغضب حكومة السيسي التي ستخسر قناة السويس برمتها، فالذي تغافل عن سد النهضة سوف يتغافل عن مصير قناة السويس، اما ميناء العقبة فهو مرشح الآن للموت بالسكتة الدماغية حاله حال ميناء إيلات الذي لفظ انفاسه الأخيرة منذ مدة. . .