بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لا تندهشوا أبداً، ولا تستغربوا إذا علمتم ان صحافة العالم الغربي والعبري والعربي تكلمت بالتفصيل الممل عن منغصات بوابات رفح التي تشرف عليها وتديرها شبكة متكاملة من ضباط الجيش المصري والشرطة والقبضايات والسماسرة وآكلي لحوم البشر. حيث يمارسون الابتزاز العلني (عيني عينك) ويتعاملون بمنتهى الخسة والنذالة مع سكان غزة الباحثين عن النجاة من المحرقة التي أضرمها نتنياهو. بينما اقتصرت مهمة السيسي بإقفال البوابات بالضبة والمفتاح، ثم تحوّل هذا المعبر إلى مصيدة استثمارية لمصادرة آخر ما تبقى لدى المنكوبين من مدخرات مقابل السماح لهم بالانتقال إلى بر الأمان. .
فقد تصدرت هذه الفضيحة اللاأخلاقية الصفحات والنشرات الأولى لجريدة الجارديان البريطانية بعددها الصادر في Mon 8 Jan 2024. وتكلمت عنها قناة الجزيرة، وقناة BBC. والعربي الجديد، و (نيوز فور مي). وصحيفة (يديعوت احرونوت). ومع ذلك ظل الحال على ما هو عليه، وارتفعت التسعيرة عما كانت عليه قبل نشر تفاصيل فضيحة الرشى والإتاوات. وهذا دليل قاطع على اشتراك الحكومة في دعم هذا السلوك المشين. والدليل الآخر أنها لم ترد على الاتهامات التي وجهتها لها الصحف والقنوات الفضائية. .
عشرة آلاف دولار يدفعها الفلسطيني صاغراً مضطراً مرغماً عن كل نفر من أفراد أسرته للخروج سالماً من المعبر. فلم يتمكن سوى عدد قليل جداً منهم من المغادرة، اما الذين ادرجوا أسمائهم على قوائم الفحص والتدقيق المعروضة على سلطات تل ابيب، فيقولون ان مافيات المعبر يطالبونهم بدفع رسوم تنسيق (coordination fees) كبيرة. يدفعونها عداً ونقداً إلى شبكة من السماسرة والسعاة والوسطاء المرتبطين بأجهزة المخابرات المصرية. .
ووفقا للأمم المتحدة، فإن 85% من سكان غزة أصبحوا الآن نازحين. ويتكدس معظمهم في مدينة رفح الجنوبية. حيث تدفعهم الهجمات الجوية والبرية الإسرائيلية إلى الفرار من الأجزاء الوسطى والشمالية من المنطقة. .
تحدثت صحيفة الغارديان عن عدد من الأشخاص الذين قيل لهم إنه يتعين عليهم دفع 10000 دولار لكل منهم لمغادرة القطاع، وأطلق البعض حملات تمويل جماعي لجمع الأموال. وقيل للآخرين إن بإمكانهم المغادرة عاجلاً إذا دفعوا أكثر. .
تمتلئ صفحات الفيسبوك الآن ببيانات دقيقة تتناول مآسي معبر رفح، ينشرونها بمشاركة الفلسطينيين الذين يطلبون المساعدة لإدراجهم في قوائم العبور. .
حتى كفار قريش كسروا الحصار الظالم المفروض على المسلمين في شِعب أبي طالب وادخلوا الماء والغذاء لهم. بينما يصر نظام السيسي على غلق المعبر، ويمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين. في حين يخرج علينا وزير خارجية النظام ليتحدث بكل بجاحة عن الجهود الجبارة التي تقدمها مصر للنازحين ولتوفير المساعدات الإنسانية للمحاصرين. .
وصدق الذي قال: (اللي اختشوا ماتوا). . .