بقلم: كمال فتاح حيدر ..
في القدس. يهود يرفعون علم فلسطين تنديداً بالهجمات الصاروخيّة على غزة من دون ان يعترض عليهم أحد، فحرية التعبير مكفولة لليهود فقط. وفي المملكة العربية السعودية رفع لاعبو النادي الأهلي المصري علم فلسطين تضامناً مع غزة فانهالت عليهم الشتائم واللعنات لأن حرية التعبير غير مكفولة هناك للمتضامنين مع الحق. .
وفي المستوطنات الإسرائيلية تظاهر متدينون يهود من جماعة (ناطوري كارتا) وكانوا يرفعون الأعلام الفلسطينية في (عيد الاستقلال)، تعبيراً عن رفضهم للصهيونية من دون أن يعترض عليهم أحد. وفي امريكا خرج اليهود في مظاهرات عارمة، وكانوا يلوحون بالعلم الفلسطيني في الساحات والشوارع من دون ان يمنعهم احد. .
ومن داخل الكنيست الإسرائيلي رفع النائب (أحمد الطيبي) عقيرته بالصياح للتعبير عن حبه لفلسطين، وطالب بوقف إطلاق النار على غزة. ثم بصق بوجه (بن حقير) الذي كان جالساً أمامه، ونعته بأبشع النعوت والأوصاف. قال له: انت مجرم يا بن غفير. ولن يغفر لك الله ما اقترفته يداك من جرائم تقشعر لها الأبدان. .
لكن الأوضاع مختلفة تماماً في بعض الديار العربية والإسلامية، فقد تعرض الممثل المصري محمد إمام، نجل الفنان عادل إمام، إلى هجوم واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي عقب توجيهه رسالة تضامن للشعب الفلسطيني خلال مشاركته في حفل توزيع جوائز (جوي أوردز) بالرياض. وكل القصة وما فيها انه القى كلمة قصيرة من جملة واحدة، قال فيها: (يحيا الشعب الفلسطيني)، فانتقده المغردون والمطبلون بسبب ثناءه على الشعب الفلسطيني. قال بعضهم: ان كلمته المُختزلة جاءت في غير محلها. .
عاد محمد امام مع شقيقه إلى وطنه، وربما سيلقى اللوم والتوبيخ والإساءة من السلطة المصرية، التي سبق لها ان اتخذت قراراً ظالماً بحبس الشاب (عز منير خضر) بسبب رفعه علم فلسطين في ملعب القاهرة أثناء مباراة منتخب مصر وجنوب أفريقيا. ثم أصدرت السلطات قراراً بمنع رفع علم فلسطين أو بيعه. بعد ذلك ببضعة اشهر اختفى شاب مصري (عمر مرسي) من ميدان التحرير بعد رفعه علم فلسطين، ولم يعد إلى منزله منذ عامين، واعتقلت الشرطة المصرية الصحفية (نور الهدى زكي) بعد رفعها علم فلسطين في ميدان التحرير، ثم أخلي سبيلها بضمان محل إقامتها بعد احتجازها من قبل القوات الأمنية أثناء محاولتها التضامن مع الشعب الفلسطيني. . وسبق ان تداولت المنصات فيديوهات مثيرة للجدل لعناصر من الشرطة الفرنسية وهم بصدد محاولة منع مشجعين تونسيين من رفع علم فلسطين في ملاعبهم. .
العَلَم الفلسطيني هو تعبير عن وجود شعب، له هوية وعَلَم ووطن وله حقوق طبيعية في الحرية والاستقلال والسيادة على وطنه، حتى وإن لم تتحقق هذه السيادة بعد. . هذا يفهمه الصهاينة جيداً. وينبغي ان تفهمه الشرطة السعودية والشرطة المصرية. . .
كلمة أخيرة: الحياة دواره تصيب الظالم بما ظلم. الشامت بما شمت. المسئ بما أساء، فالمشاهد ستُعاد، والأدوار ستتبدل. وكل ساقٍ سوف يُسقى بما سقى. فلا تحزن وربك أعدل العادلين. .