بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ليس لدينا ادنى شك اننا نعيش في زمن العجائب. هذا ما استنتجته من الصورة التي عرضها التلفاز قبل قليل لمسلمين بالكوفية العربية واللحى الطويلة يصطفون وراء شيخ يؤدي صلاة الجنازة على جثمان جندي مسجى أمامهم، وكان الجندي المقتول ملفوفاً بعلم إسرائيل. ثم تبين لنا انه عربي ومسلم بالهوية، لكنه كان متأثرا بافكار المتأسلم المدخلي (عبد العزير الريّس) وبخاصة تلك التي يلزم فيها المسلم بطاعة الحاكم حتى لو كان يزني ويرتكب الفواحش، ولما كان نتنياهو هو الحاكم الذي يبسط نفوذه على صحراء النقب، قرر الشاب البدوي (احمد ابو لطيف) إبداء فروض الولاء والطاعة لحاكمه نتنياهو، فالتحق بالكتيبة المكلفة بقتل أطفال غزة، وشارك في نسف بيوتهم. وقد كتب على صفحته الشخصية (اللهم احسن خاتمتنا). .
قال له الشيخ الذي يصلي الآن على جنازته: اذهب إلى غزة وقاتل الخوارج وانصر نتنياهو، فانطلق من ساعته وأطلق نيران بندقيته على المدنيين، وقال بالعبرية الفصحى: اشهدوا لي عند الأمير (بن غفير) انني اول من خرجت لحرب الخوارج، وأول من رميت معسكر الاعداء بسهم. ثم سقط غير مأسوف عليه بشظية من تلك الشظايا المتطايرة من التفجيرات العبثية. .
الشاب الصهيوني المقتول يعكس صورة الخربطة واللخبطة والفوضى الفقهية التي يقودها سفهاء القوم من القطعان التي حرمت قتال الصهاينة، ومنعت رفع العلم الفلسطيني، وأجازت الدفاع عن إسرائيل، وكفرت الترحم على روح الشهيدة (شيرين ابو عاقلة). فالذين سمحوا لداعش بقتل رجال المقاومة، هم الذين سمحوا لهذا الشاب بقتل سكان غزة، وهم الذين نعتوا المقاومة بالخوارج، وأجازوا قتلهم والتمثيل بجثثهم. .
تصفحت منذ قليل حسابه الشخصي، وشاهدت صوره وهو يصلي في مسجد قبة الصخر داخل مدينة القدس، وصور أخرى بجانب والدته المحجبة ووالده المتدين جدا جدا. .
اللافت للنظر ان صلاة الجنازة على هذا الشاب المتصهين تزامنت مع الشهادة التي أدلت بها مستشارة ملك الأردن في هيئة الامم المتحدة (سيما سامي إسكندر)، والتي اتهمت رجال المقاومة باغتصاب النساء الإسرائيليات. على الرغم من انها من اصل فلسطيني من مواليد بيت لحم، ولابد انها شاهدت مجازر الصهاينة وانتهاكاتهم بحكم معايشتها الطويلة للأحداث الدامية. لكنها استمدت العزم والعزيمة من العاهل الأردني الذي صار يوجّه طائراته لقصف القرى السورية وقطع إمدادات الأسلحة المهربة إلى المقاومة، وانصبت اهتماماته هذه الايام على إرسال شاحنات الغذاء والدواء إلى تل ابيب، وكان حارساً اميناً لحدود إسرائيل في التصدي للصواريخ الحوثية. فالملك المكلف بالوصاية الهاشمية يستمد تشريعاته من بعض الفقهاء المشفرين على الطريقة الداعشية الموالية لإسرائيل. أو على الطريقة التي يتحدث بها الصفيق (صفوك الشيخ) هذه الايام، خصوصا بعد ان ظهر اسمه في قوائم الجواسيس والعملاء. وكانت لهذا الصفوك صولات وجولات عندما كان (مجاهداً) في صفوف الدواعش المنتشرة بين القرى السورية. .
فالطيور على أشكالها تقع. . .