بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اغرب ما سمعته من الزعيم (العربي المسلم) المتهم بغلق بوابات معبر رفح، والمتهم بمنع وصول المساعدات إلى اهلنا في القطاع، والمتهم ببيعها في أسواق القاهرة، والمتهم بإغراق الانفاق التي يتنفس منها الفلسطينيون هناك، والمتهم بتسهيل سلاسل توريد المواد الغذائية إلى موانئ إسرائيل، والمتهم باستبدال سيارات الإسعاف الكويتية الحديثة بأخرى قديمة ومستهلكة. .
أغرب ما سمعته منه. قوله: (اروح من ربنا فين لو كنت انا السبب في حرمان سكان غزة من لقمة العيش ؟). قالها بمنتهى الرقة والعفوية والبراءة، ثم استأنف قائلاً: (معبر رفح مفتوح 24 ساعة لكن إجراءات إسرائيل هي التي تعطل إدخال المساعدات للضغط على سكان القطاع من أجل الإفراج عن الرهائن). هذا ما قاله بالحرف الواحد من دون تحريف أو تزييف. .
ثم تبين لنا بطلان روايته التي ظهر فيها بمظهر المتعاطف الرحوم بجلباب الورع والتقوى. لم تمض بضعة أيام حتى وقف محامي الدفاع عن إسرائيل امام محكمة العدل الدولية وأقسم برأس نتنياهو وبرأس الفجل ورأس العجل بأن إسرائيل لا علاقة لها باجراءات المعبر، ولا دخل لها بمنع الشاحنات المحملة بالمساعدات، وان حكومة تل ابيب تطالب السيسي منذ الآن، وامام عيون العالم، بفتح البوابات على مصراعيها. .
في اليوم التالي كنا نتوقع انطلاق الشاحنات بسرعة البرق، ونتوقع تدفقها نحو مخيمات الشعب الجائع، لكنها لم تتحرك، وظلت جاثمة لأيام وأيام ومازالت تنتظر، فقد منعها السيسي من التحرك، وفرض عليها الإتاوات، وتسبب في حرمان الجياع من لقمة العيش. في الوقت الذي كانت فيه سفنه تنقل اللحوم والخضروات بمرونة تامة من الموانئ المصرية الى الاسرائيلية وبلا رسوم أو اجور أو عوائد. وأطلق العاهل الأردني قوافل شاحناته المدنية والعسكرية لنقل البطاطا والبندورة. وكل ما يدعم المائدة الصهيونية. .
ذوو القربى يمدون العدو اللدود بما يحتاجه، بينما الشعب الفلسطيني يعاني من الحصار والجوع والحرمان. أين الأخوة الإسلامية والنخوة العربية ؟. .
مرت على غزة أربعة اشهر وكأنها أربعة قرون. اللهم صبراً وجبراً لذوي القلوب المرهقة والأرواح المنهكة. اللهم اليك المشتكى وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك. .