بقلم: هادي جلو مرعي ..
تعودنا على حكايات عن عقوق الوالدين وتمرد الأبناء وحديث القرآن عن البر بالوالدين، ولكن من غير المألوف أن يعق الوالد إبنه إذا إجتهد ونجح، والمنتظر منه أن يهديه كلمة طيبة، ويثني عليه ويشجعه على المثابرة والسعي لتحقيق المزيد من النجاح والتفوق، والوصول الى الغايات، وعدم الركون الى اليأس، وكاد الحال مع محافظي البصرة وواسط والكوت أن يكون هكذا.. فبدلا من دعمهم ليطوروا محافظات كان الناس لايلتفتون إليها كثيرا برغم أهميتها التاريخية وقدسيتها ودورها وتأثيرها، ولكن الناس تنظر الى العمران والخدمات فلم تكن تجد شيئا من ذلك، وصاروا أخيرا يشيدون بالبصرة التي تحولت الى قبلة للسياحة، وبواسط وهي تنهض، وكربلاء وهي تزهو، وجدنا أن هناك من يضغط لإبعاد هولاء المحافظين الناجحين عن إستحقاقهم، وخاصة الكتل السياسية التي نصبت محافظين فاشلين (لايحلون ولايربطون) كما يقال في المثل الشعبي والأدهى إنها لم تزعج هولاء الفاشلين، وبقيت تدعمهم حتى ظهر فشلهم في الإنتخابات المحلية الأخيرة.
في زيارات متكررة الى البصرة وكربلاء وواسط يسهل على السائح والزائر وصاحب العمل والتجارة أن يكتشف كيف تغيرت هذه المدن وتطورت ونهضت، وكان لملايين العراقيين وآلاف الضيوف من العرب والأجانب أن يشهدوا حركة الإعمار والتطوير في مدينة البصرة العظيمة التي مثلت بطولة كرة القدم الخليجية في يناير من العام 2023 تذكرة عودة لإكتشافها، وتصفح أوراقها المضيئة، وزيارة أحيائها العتيقة، وشطها العربي، وخليجها الموغل في السحر، وكورنيشها الممتد، وشوارعها التي تعج بالحياة، وأسواقها التي تمتلأ ببضائع وتراثيات وجمال وشناشيلها، وبيت سيابها، وجسورها الشامخة ومدنها الجديدة الممتدة في أكثر من إتجاه حتى خطفت الضوء من عاصمة النور بغداد الحبيبة، وصار الناس بعد أن كانوا يسافرون الى مدن أخرى، ودول بعيدة للسياحة والإستجمام تشدهم البصرة الفيحاء إليها.. وفي الإنتخابات الأخيرة كافأ البصريون محافظهم أسعد العيداني أن صوتوا لقائمته الإنتخابية، وأعلنوا رغبتهم في التجديد إليه في ظاهرة لم يتعودها الناس الذين كانوا عادة ماينتظرون نهاية الدورة الإنتخابية ليتخلصوا من مسؤوليهم المزعجين والفاسدين.
في واسط التي تتوسط المسافة بين بغداد والجنوب، وتقع على طرق التواصل بين أنحاء البلاد كان المحافظ محمد جميل المياحي يكافح للنهوض بمدينته المترامية الأطراف بحثا عن فرصة، أو فكرة للتطوير والتخطيط، والسعي لتقديم المزيد من الخدمات، والتأسيس لمشاريع عمرانية وبنى تحتية هامة لم تعرفها واسط عبر تاريخها الممتد، فكان يتنقل بين الحي والدبوني والنعمانية والعزيزية والحفرية والموفقية والشحيمية والصويرة والزبيدية وبدرة وجصان وزرباطية وغيرها من أقضية ونواح ليؤسس لمشروع خدمي هنا ومشروع مماثل هناك، وأثبت لمنتقديه أنهم تسرعوا في ذلك، ولم يكونوا على صواب، ومنح مواطنيه الثقة بمحافظتهم كمكان للعيش الآمن والكريم في واحدة من حواضر العراق، وكان المواطنون الواسطيون عند الموعد حين صوتوا بكثافة له في إنتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، وجعلوه في المقدمة، ولم يكن لأحد من خيار سوى أن يرفع يده بالموافقة على إختياره محافظا لتلك الواسط الحبيبة.
ولطالما تداعت صور في ذاكرتي لكربلاء وهي مكسورة الظهر بين الفرات والصحراء، حزينة مهملة طوال عقود لاعمران ولابناء، ولولا الحياء لما بقيت شواخص القباب والمآذن فيها، ولكنها اليوم قبلة لعشرات الملايين من البشر ، يفدون إليها من بلدان العالم المختلفة، باحثين عن أرواحهم المعلقة في فضاء اليأس، والتواقة لفضاء الأمل والرجاء، وهي تشهد كذلك حملة بناء وإعمار وتطوير، وتعلو بناياتها الشامخة، وتزدان كل يوم بمشروع خدمي، والمزيد من الفنادق والشوارع والمولات والمدن السكنية الجميلة والمزارع التي حولت الصحراء الى واحة خضراء بجهود مشتركة، وسعي للبناء والعمران والتطوير والتحديث، وصارت تستهوي النفوس لزيارتها، وفيها شهد الناس لمحافظها نصيف الخطابي إنه أهل للثقة، وجددوا له التصويت ليعود محافظا لدورة جديدة، ويكمل مابدأ من عمل جاد وسعي مخلص.
أسعد العيداني ومحمد جميل المياحي ونصيف الخطابي حكاية مدن ثلاث تغيرت معالمها الى الأحسن، وتأنقت وتزينت لأهلها ولزوارها، وحتما إنها ستشهد المزيد والمزيد من البناء والإعمار والتطوير.