بقلم : الاستاذ نصير ممدوف سفير جمهورية اذربيجان في جمهورية العراق
يصادف هذا العام الذكرى الثانية والثلاثين للإبادة الجماعية التي أُرتكبت ليلة 25-26 فبراير 1992 في مدينة خوجالي الأذربيجانية. إن الإبادة الجماعية في خوجالي هي رمز للقسوة والإفلات من العقاب. هذه الإبادة الجماعية التي تُعتبر واحدة من مآسي القرن العشرين الرهيبة ، مثل مآسي خاتين و الأنفال وليديس وبابي يار والتي اُرتكبت بقتل وحشي للمدنيين، هي من أخطر الجرائم ضد المدنيين خلال العدوان الأرمني واحتلالها أرض أذربيجان التاريخية قراباغ. خلال الفترة مابين 22-26 فبراير 1992، ارتكبت القوات العسكرية الأرمينية بمشاركة 180 من الخبراء العسكريين والمعدات الثقيلة من فوج البندقية الآلية للإتحاد السوفيتي رقم 366 المتمركز في مدينة خانكاندي بالإبادة الجماعية ضد السكان المدنيين في مدينة خوجالي بجمهورية أذربيجان، حيث يبلغ عدد سكانها 7000، ونتيجة لذلك تم قُتل 613 شخصًا بوحشية، وأصيب 1000 مدني من مختلف الأعمار بجروح،. ومن بين القتلى عدد 106 من النساء، و 63 من القصر، و 70 من كبار السن، و 8 عائلات قتلوا بالكامل، وفقد 25 طفلاً والديهم، و130 فقد أحد والديهم، وفي هذه الليلة المأساوية ، تم احتجاز 1275 مدنياً كرهائن، وما زال مصير 150 منهم مجهولاً حتى هذه اللحظة. تم تنفيذ المذبحة المروعة للمدنيين في مدينة خوجالي من أجل كسر مقاومة الشعب الأذربيجاني للدفاع عن وطنهم وتوسيع نطاق احتلال الأراضي الأذربيجانية.
ومنظمة التعاون الإسلامي هي أول منظمة دولية تعترف بمذبحة خوجالي كإبادة جماعية. في 8 مايو 2008 انطلقت حملة “العدالة لخوجالي” بمبادرة من ليلى علييفا المنسقة العامة للحوار بين الثقافات لمنتدى الشباب لمنظمة التعاون الإسلامي. وفي فبراير 2009 بدأت فعاليات الحملة الإعلامية والدعائية الدولية “العدالة لخوجالي”، والذي تستمر هذه الحملة حاليًا بنجاح بمشاركة مئات المتطوعين في أكثر من 60 دولة، والهدف من هذه الحملة هو إطلاع المجتمع الدولي على مجزرة خوجالي، وإعطاء تقييم قانوني وسياسي للمذبحة على الساحة الدولية وإحياء ذكرى ضحايا هذه المجزرة الدموية.
والإبادة الجماعية في خوجالي معترف بها على المستوى الحكومي و البرلماني في أكثر من 10 دول (تركيا، باكستان، السودان، الأردن، جيبوتي، المكسيك، كولومبيا، تشيك، البوسنة والهرسك، بيرو، هندوراس) ، بما في ذلك أكثر من 20 ولاية بالولايات المتحدة الأمريكية .و من أجل تخليد ذكرى ضحايا خوجالي، أقيمت نصب تذكارية في مدن مختلفة من تركيا وهولندا وألمانيا والبوسنة والهرسك والمكسيك، إلى جانب جمهورية أذربيجان.
وتعرب جمهورية أذربيجان عن إمتنانها وتقديرها العميق لجميع البلدان الإسلامية، بما في ذلك العراق الصديق لدعمه الدائم في اعتماد القرارات التي تعترف بالإبادة الجماعية في خوجالي وتدينها في إطار منظمة التعاون الإسلامي.
وتم الاعتراف بمأساة خوجالي على أنها إبادة جماعية وجريمة وحشية ضد الإنسانية في القمة الثانية عشرة لمنظمة المؤتمر الإسلامي وهي أعلى هيئة في المنظمة، والتي عقدت بالقاهرة في جمهورية مصر العربية ، في الفترة من 6 إلى 7 فبراير 2013 بمشاركة رؤساء الدول والحكومات.
وفي كل عام يقوم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي بإلقاء كلمة حول هذه المأساة، وقد تم التعاون مع الإيسيسكو أيضًا في هذا المجال، وفي قرارات منظمة المؤتمر الإسلامي يدعو الدول الأعضاء إلى إجراء تقييم سياسي للمأساة والمطالبة بمحاسبة مرتكبي هذه المأساة أمام المحاكم الدولية.
وحتى الآن لا يزال النازحون من خوجالي ينتظرون العودة إلى وطنهم، وإن ذلك اليوم ليس ببعيد، وإن حرب سبتمبر- نوفمبر 2020 التي استمرت 44 يومًا قد أثمرت نصراً عظيماً وعودة عظيمة، وقبل كل شيء نتمنى من الله العلي القدير أن يرحم شهدائنا والمحاربين القدامى على هذه الحرب، ونتمنى لجرحانا بالشفاء العاجل، ونهنئ جميع أبناء شعبنا بمن فيهم القائد الأعلى للقوات المسلحة السيد إلهام علييف على هذا النصر العظيم، ونعرب عن امتناننا العميق لجميع الدول والمنظمات والأشخاص الذين دعموا قضية أذربيجان العادلة. والشعب العراقي الشقيق الذي شهد الإبادات الجماعية لكافة المكوناته يفهم بشكل أفضل آلام الشعب الأذربيجاني.