بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لا تندهشوا عندما تأتيكم الصيحات المتضامنة مع ضحايا مجزر الطحين الأحمر من حكومات الصين والبرازيل وإسبانيا وبلجيكا وفنزويلا وبوليفيا وجنوب أفريقيا وكولومبيا، ولم تأتكم من حكوماتنا العربية والإسلامية الغارقة في التدين الشكلي، ذلك لأنها فقدت مروءتها، وتكشفت سوءاتها، وافتضح أمرها، واصبحت مجردة تماماً من الأخلاق. .
سوف يدفعون ثمناً باهظاً للدور الخسيس الذي لعبوه في تمكين هذه الكارثة، وفي التستر عليها. لأنهم على اتصال مباشر مع نتنياهو، وهم الذين اختاروا الساحة، وأبلغوا سكان غزة بالتجمع هناك لاستلام كيلو واحد فقط من الطحين. كيس صغير لكل أسرة، ثم أرسلوا بضاعتهم إلى مسرح المأساة، وما ان تجمع الصغار والكبار حتى انهمرت فوق رؤوسهم الصواريخ والقنابل، وهجمت عليهم الدبابات، فأطلقت عليهم نيرانها، وداست عليهم بعجلاتها المجنزرة. قتلت منهم 150 وجرحت اكتر من 1000، في الوقت الذي كان فيه الاعلام العربي منشغل بتعظيم الرئيس المكسيكي الذي أقام الأسوار العالية حول غزة، وفرض الحصار عليها، ومنشغل بتمجيد ملك الأردن الذي نجح في بعثرة المساعدات في عرض البحر، وإرسل بعضها إلى مستوطنة (زيكيم) خارج غلاف غزة. .
وفي اليوم نفسه خرج وزير الجريمة المنظمة (إيتمار بن غفير)، لا لكي يعتذر، وانما لكي يثني على الذين ارتكبوا المجزرة، ويمنحهم الدعم الكامل. قال لهم: (لقد أبليتم بلاءً حسناً، وتصرفتم بطريقة حرفية في التعامل مع المشردين والغوغائيين). من دون ان يحتج عليه احد، ومن دون ان تعتذر قوات المظليين الذين تعمدوا رمي المواد في البحر، وتعمدوا توزيعها على المستوطنات البعيدة عن غزة، وشاركوا في كتابة سيناريو هذه المكيدة المدبرة. .
اما عصابات البيت الأمريكي الأسود فلم ينطقوا حتى الآن بجملة صادقة على الرغم من المشاهد المعروضة امام أعينهم بالصوت والصورة، والتي لم تنقلها قنوات العربية والشرقية والمغربية والدونية. اما اعتراضات ممثل المملكة السعودية في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي المنعقد هذه الايام في العاصمة الأردنية الداعمة للعدو. فقد خلفت حالة من الذهول والصدمة، عندما اعترض على جملة وردت في البيان الختامي، تضمنت رفض التطبيع. بمعنى ان موقف السعودية كان متضامنا مع التطبيع جملة وتفصيلا. ولم يتطرق البيان الختامي إلى حملات الإبادة الجماعية. لا من بعيد، ولا من قريب. .
اللهم إنا نستودعك غزة وأرضها وجوها وبحرها ومجاهديها ومرابطيها. احفظهم بحفظك يا خير الحافظين. .
غداً في محكمة الله نلتقي، وهناك العدل يقام. افعلوا ما شئتم فنحن على موعد مع صوت العدالة الكونية. .