بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كان من المفترض ان يسعى الاتحاد الاوروبي نحو اختصار الطريق، والاستجابة لنداءات شعوب الارض بوقف العدوان، لكنهم اختاروا المسار الذي رسمته امريكا ومن وراءها بريطانيا بإطلاق يد نتنياهو في مواصلة القتل والحصار، بينما انشغلوا بتحريك أساطيلهم الحربية لإسكات المقاومة في اليمن، فكانت النتيجة بالصورة التي ظهرت بها السفينة (روبيمار) المملوكة لشركة بريطانية، بعد تعرضها لهجوم صاروخي تحت خط الماء. وبالصورة التي ظهرت بها السفينة (True Confidence) المشرفة على الغرق بصاروخ اصابها يوم 6 من الشهر الجاري جنوب غرب مدينة عدن بنحو 54 ميل. .
وبغرق هذه السفن اصبحت عملية (حارس الازدهار) بلا جدوى، واصبحت عملية (الدرع) Aspedis بلا نفع. وأضحت التحديات الأمنية في البحر الأحمر وخليج عدن أكثر ضراوة من ذي قبل. .
فعلى الرغم من الغارات الأميركية-البريطانية على المواقع البرية اليمنية، ظلت الهجمات الحوثية تتصاعد وتيرتها ضد سفن الشحن التجارية، وبخاصة تلك المتوجهة إلى موانئ إسرائيل، فاختارت السفن الأخرى الابتعاد عن المنطقة الساخنة، وقررت التوجه صوب رأس الرجاء الصالح، تاركة قناة السويس وراء ظهرها. .
يظن الأميركيون أن ضرباتهم نجحت في تقليل قدرات الحوثيين على تنفيذ هجمات واسعة النطاق ضد السفن التجارية، لكن تعاقب غرق تلك السفن، الواحدة تلو الأخرى، كان صفعة مدوية أخرست البنتاغون، وزعزعت الأمن البحري في عموم المنطقة. فقد واصل المسلحون مطاردتهم السفن بالطائرات والصواريخ والغواصات تضامناً مع المقاومة في غزة. فجاء غرق السفينة (روبيمار) والسفينة (True Confidence) ليثير الرعب في قلوب قادة الفرقاطات والمدمرات التي قررت الابتعاد قليلا نحو المسطحات الآمنة. .
ومما يزيد الصورة تعقيدا ان السفينة (روبيمار) الغارقة كانت تحمل حوالي 21 ألف طن متري من مادة كبريتات فوسفات الأمونيوم التي تشكل خطرا بيئيا في البحر. .
هذا ما تراه الإدارة الأمريكية المتباكية على البيئة، لكنها لا ترى الآثار الكارثية التي خلفتها القنابل الفسفورية والمتفجرات الثقيلة التي سقطت فوق رؤس الأبرياء في غزة. ولا ترى الآثار الكارثية الناجمة عن تدمير المستشفيات والعيادات الطبية، ولا ترى الآثار الإنسانية الناجمة عن الإبادة الجماعية وفرض الحصار على مليوني نسمة. .
هذه الآثار كلها لا تراها أمريكا ولا يراها الاتحاد الأوربي. لأنهم ينظرون للمعارك بعين واحدة فقط. .
اغرب ما شهدته الايام الماضية ان الأبواق العربية كانت في طليعة المتباكين على غرق السفينة (روبيمار) والسفينة (ترو كونفيدنس) لكنها لم تبك على المساعدات التي غرقت واستقرت في قعر البحر، والتي تعمدت الطائرات الأردنية والأمريكية والمصرية اسقاطها هناك. .
ربنا مسنا الضر وانت ارحم الراحمين. .