بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ليس كل ما تنشره الأفلام يمثل الواقع، وليس كل ما تقدمه لنا المسلاسلات يمثل الحقيقة. ومع ذلك كانت مدينة الانتاج المصرية تنقلنا إلى الفضاءات القومية، وتثير في نفوسنا مشاعر الوطنية والبسالة والمقاومة والتحدي والتحرر. .
نذكر منها الفيلم المصري (الرصاصة لا تزال في جيبي) الذي اُنتج وعُرض في البلدان العربية كلها عام 1975 عن قصة للروائي إحسان عبدالقدوس، وكان من اخراج حسام الدين مصطفى. .
ثم جاء مسلسل: (رأفت الهجان) عام 1987، من تأليف (صالح مرسي) وأخراج (يحيى العلمي). كانت احداثه تدور حول ملحمة وطنية مقتبسة من ملفات المخابرات المصرية. اذكر ان الموسيقار الراحل عمار الشريعي هو الذي قام بتأليف الموسيقى التصويرية، وكانت سمفونية حماسية قادرة على تحريك جيوش بأكملها. .
جاء بعده مسلسل: (دموع في عيون وقحة) عام 1889 وكانت احداثه مبنية على رواية لصالح مرسي، سلط فيها الأضواء على أنشطة المخابرات العامة ودورها البطولي في حرب أكتوبر. .
ثم أتحفتنا السينما المصرية عام 1993 بفيلم: (الطريق إلى إيلات). من اخراج: إنعام محمد علي، وكتب السيناريو فايز غالي. وهو فيلم حربي، تدور أحداثه إبان حرب الاستنزاف عام 1969 التي سبقت حرب أكتوبر، وبالتحديد في شهر يوليو، وكان يتناول الغارات المصرية على ميناء إيلات (أم الرشراش). .
لكننا عندما وصلنا إلى اليوم الموعود، وشهدنا انتفاضة المقاومة في غزة، والتحق الفلسطينيون بساحة المعركة في مواجهة العدو الذي صورته لنا الأفلام والمسلسلات المصرية، فوجئنا بأفلام واقعية مختلفة تماماً ولا تخطر على البال، فقد كانت الفضائيات الاسرائيلية تصف السيسي بأنه نعمة من الرب، وفوجئنا بالإجراءات التعسفية ضد الفلسطينيين في معبر رفح، والدور الذي لعبته السفن المصرية في تأمين الإمدادات اللوجستية بين ميناء بورسعيد وميناء اشدود في الارض المحتلة. واكتشفنا ان احسان عبد القدوس وضع الرصاصة في جيبه المثقوب، وان الصواريخ المصرية هي التي تكفلت باسقاط الطائرات الحوثية المتوجهة لضرب ميناء إيلات. وان مصر بجيشها ومخابراتها صارت من القوى الإقليمية الداعمة لجيش الاحتلال. وسبحان مغيّر الأحوال من حال إلى حال. .