بقلم: كمال فتاح حيدر ..
مرة اخرى يتحدث السيسي منتحلا صفة الانبياء والرسل. فقبل بضعة أيام وقف خلف منصة الاحتفالات في يوم تتويجه للمرة الثالثة. وقرأ ما تيسر من الذكر الحكيم، بلا بسملة، لكنه قرأها وكأنه يعبّر عن نفسه هو شخصيا: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين). بمعنى ان الكلمة التي نطق بها سيدنا يوسف (ع) نسبها السيسي إلى نفسه. وسوف نأتي لاحقا على قدرات السيسي الخارقة في التأويل والانتحال. .
وسبق للسيسي ان تقمص شخصية سيدنا سليمان (ع) أمام جمع غفير من الناس. فقال: (ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما). وسوف يواصل السيسي اقتباس ما يحلو له من الكتب السماوية المقدسة ثم ينسبها إلى نفسه، وللأمانة التاريخية والسياسية ان السيسي ليس اول الذين سلكوا هذه الطريقة في التدليس والتضليل والتطاول على مقام الأنبياء، فقد سبقه الطغاة والبغاة الذين انتهى بهم المشوار في مزابل التاريخ. .
دعونا الآن نعود إلى قدراته البلاغية ومهاراته الإبداعية في أدب الخطابة وفي تأويل الأحاديث. .
فالسيسي مهووس باختيار الألفاظ والكلمات الخنفشارية الصادمة، من دون ان يعرف كيف يضعها في جملة مفيدة واحدة. واحيانا لا يجيد تركيب الحروف والمفردات، فتتداخل بعضها ببعض على لسانه، مثال على ذلك كلمته التي قال فيها: (الحمد لله. . الموضوع ده. . وانا بكررو . . دي رابع مرة اقول . . انجزت هذه المهمة بنجاح. . بالمناسبة بعد ما سمعوني من . . من . . انني قلت الكلمتين دول. . احنا بنسمعهم برضو. . فقالوا إيه طب نعمل لهم عملية عشان أيه. . عشان نأكد ان احنا. . عايزين يجيوا من برة يعملوا عملية عشان يأكدوا ان احنا لسه موجودين. . عشان كده احنا لازم نبقى دايما منتبهين. . وزي ما يقولوا كده يفضل السلاح صاحي). فصفق له الجمهور الذي ظل يحدق ببلاهة من دون ان يفهم شيئاً مما قاله زعيمه المغرور. والحقيقة انك لو ادخلت هذه الكلمة في جهاز محلل الشفرات لن يستطيع فك شفرتها. .
وفي لقاء متلفز سألته المنافقة لميس الحديدي: برأيك سيادة الرئيس ما هو التحدي الأكبر لمصر ؟. فقال لها: (أنا هقول الاول ان الواقع لما كنا. . يعني طريق من وجهة نظري للحالة. حالة مصر يعني. . هي سبيل مهم قوي. . فيه كثير من المسؤولين. يقول لك بلاش تقول كل الـ . . وده بيوضح ملامح ان احنا ما عندناش في مصر فرصة). .
والحقيقة ان الشعب المصري كله بات في امس الحاجة لفريق علمي متخصص بتأويل أحاديث الرئيس السيسي. الذي تجرأ على مصر، وقال عنها: (انها ولا حاجة). وقال أيضاً: (انها شبه دولة)، وهو الذي استولى على حكم مصر وكانت حصتها كاملة في مياه النيل، وجزرها غير معروضة للبيع. .
دعمته البلدان العربية بالمليارات كلما اقتربت لحظة سقوطه، وحمته اسرائيل كأحد أبناءها المخلصين. وشملته امريكا وأوروبا برعايتها وعنايتها. ثم باع الجزر المصرية، وباع السواحل والمرافئ من دون ان يحاسبه احد، وباع قناة السويس من دون ان يحاسبه احد، وارتفعت في زمنه أسعار المواد الغذائية من دون ان يحاسبه احد. واغلق معبر رفح بوجه المحاصرين في غزة، وتطاول على مقام الأنبياء من دون ان يحاسبه احد. .