بقلم: كمال فتاح حيدر ..
حتى لو هجمت ايران بطائرات ورقية. وحتى لو سددت ضربة حرة غير مباشرة في ملاعب كرة القدم ضد فريق الخصم. يكفي انها هجمت ضد عدونا المشترك. يكفي انها كسرت حواجز الكيان الذي زعموا انه لا يُقهر. يكفي انها كشفت أوراق المتآمرين علينا. .
نحن نصفق لجمهورية جنوب أفريقيا لأنها حركت الدعوى القضائية في محكمة العدل. وصفقنا لدولة كولومبيا ودولة نيكاراغوا لانهم تألموا لآلامنا. وقدمنا التعازي للضابط الأمريكي الذي احرق نفسه لأنه تضامن معنا. وصفقنا للبرلمان الأيرلندي لأنهم وقفوا معنا. .
قد نتفق مع الذين قالوا ان انطلاق المسيرات الإيرانية بهذه الكثافة العددية كانت مسرحية. فنقول لهم: ربما . . لكنكم لا تقدرون على عمل بروڤة طلابية من هذا النوع لمسرحية من فصل واحد. بل ان مصداتكم ودفاعاتكم الجوية هي التي تطوعت للدفاع عن إسرائيل، وهي التي تفاخرت بإسقاط الصواريخ فوق رؤوس المواطنين. .
فسواء كانت مسرحية، أو مهلبية، أو ملوخية بالأرانب، أو وجبة سريعة غير كاملة الدسم. تعالوا اعملوا لنا مسرحية من هذا النوع ولو لمرة واحدة في حياتكم. .
فيا من تصفونها بالمسرحية. حتى وان كانت مسرحية فالمسرحية التي تجعل صافرات الانذار تدوي في تل أبيب، وتحرم سكانها الهدوء والأمان في ساعة متأخرة مسرحية نحب مشاهدتها، ويا من تصفونها بالمسرحية قولوا لقادتكم ورؤساكم ان يأتوننا بمسرحية مثلها إن استطاعوا. .
اللافت في هذه (المسرحية) انها جعلت العالم كله يشاهدها مجاناً ويتابع فصولها بشغف، لأنها كانت (مسرحية) تستحق المشاهدة. وزادت من تعرية تاجر البندورة الذي اتضح انه حارس الأمن الإسرائيلي الأول في إمارة شرق الأردن، ونجحت أيضاً في كشف أوراق السيسي الحارس الآخر لأمنهم في حوض النيل. .
البارحة كان الإعلامي (محمد ناصر) من قناة (مكملين) يستخف ببطء المسيرات، ويتهكم على طول المدة الزمنية اللازمة لوصولها (تسع ساعات). فنقول له: ذلك لأن المسافة بين ايران وإسرائيل تتراوح بين 1800 كم و 2000 كم. . كان يتعين عليه ان يوجّه انتقاداته لزعماء البلدان العربية الواقعة على حافة المسافة صفر، والذين ظلوا يعرقلون وصول المساعدات إلى المحاصرين في غزة. .
ثم هل اصبحت ايران وحدها من بين كل البلدان الإسلامية هي المكلفة بالرد والصد وتوجيه الضربات المباشرة لإسرائيل بينما تقف الجموع المليارية الغفيرة فوق التل ؟.
وهناك تساؤلات لابد من طرحها لبحث موضوع الجهاد الذي كانت تدعمه النظم العربية لقتل الأبرياء في العراق وليبيا وسوريا. كيف اختفى فقهاء الجهاد بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة ؟. وما الذي يمنعهم من تحريك أفواجهم الداعشية لتنفيذ عملية واحدة ضد اسرائيل ولو بتوجيه فوهات مدافع الإفطار نحو صدور الخياليم بلقطة مسرحية لذر الرماد في العيون ؟. .
لابد لنا ان نوجّه الشكر إلى الفريق السعيد شنقريحة (رئيس أركان الجيش الجزائري)، الذي قال: ان المؤامرات والدسائس التي تُحاك ضد جبهة المقاومة ليست من نسج الخيال، كما يدعي بعض المشككين، بل هي حقيقة واقعة أصبحت ظاهرة للعيان، وأن الجيش الجزائري سيتصدى لها مسنوداً بقوة الشعب العريق. .
وتعقيبا على ما قاله (شنقريحة) سوف يأتي من يلقي اللوم على الجزائر، وينتقد قادتها بسبب بعد المسافة الجغرافية عن تل ابيب وعن التل الذي يقف فوقه المتفرجون، والتي تزيد على ثلاثة آلاف كيلومتر. لكنهم لا يوجّهون انتقاداتهم لأصحاب النياشين والأوسمة الذين شيدوا قصورهم على ضفاف البحر الميت فماتت ضمائرهم. .
ختاماً: كان بإمكان ايران ان ترد على استهداف قنصليتها باستهداف قنصلية اسرائيلية، وسوف يرى الجميع تناسبا في الرد، لكنها تجنبت هذا الخيار واصرت على قصف الأراضي الإسرائيلية، فجاء ردها مشحونا بجرعة في الارتقاء، وكانت توجه رسالة تقول: إذا كنت تفعل ذلك في مقابل استهداف قنصلية فما الذي يمكن ان تفعله فيما إذا فكرت إسرائيل بقصف المدن الإيرانية ؟. وسيكون لهذا الرد التأثير الكبير والمباشر على تغير قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط. .
وللحديث بقية. .