بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ان تدمير أي أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى. وانما يحتاج فقط إلى تفخيخ العقل البشرى بكراهية الآخر، وتشفيره بأفكار طائفية تكفيرية. وبهذه الأدوات تمزقت الامة، وتعددت تصنيفاتها الطائفية، وجرى اعتماد التصنيف وتسويقه بشكل خبيث، وظل راسخاً في عقول الكثيرين. فأصبح العرب على وجه العموم، والأعراب منهم خاصة أقل الشعوب تمسكاً بالدين، وأكثرهم تأثراً بالنعرات الطائفية. فترى العربي عاصياً من ناحية ومتمسكاً بطائفيته من ناحية أخرى. وبات التحريض عند معظمهم أهم ما يتعلمونه في حياتهم، وصار تدين جماعات منهم لا يمنعهم من ارتكاب المجازر ضد اخوانهم في دول الجوار. .
مثال على ذلك نذكر انه في يوم الثامن والعشرين من شباط عام 2005 قام الارهابي الأردني (رائد منصور البنا) بتفجير نفسه في أسواق مدينة بابل. وتسبب باستشهاد 118 عراقي، وجرح المئات من الاطفال والنساء والرجال، ففرحت عشيرته وتفاخرت ببطولات ابنهم، وتقبلت التهاني في ديوانها بمنطقة الجدعة الوسطى وسط مدينة السلط الاردنية. .
وشارك ملك الأردن (عبدالله الثاني) نفسه عام 2006 في احتفالات عشيرة (ابو مصعب الزرقاوي) بموته بعد ان ارتكب في العراق سلسلة من العمليات الارهابية بدوافع طائفية بحتة. .
اما اليوم فبمجرد ما تعرضت اسرائيل للهجوم الإيراني، حتى هرع الطيران الأردني لنجدة تل ابيب وحمايتها من الصواريخ والمسيرات. وهذا هو مبلغ إيمانهم وتمسكهم بعقيدتهم المشفرة. وهو ما أشار اليه السفير البريطاني كريغ موراي بقوله: (لن تدعم الأنظمة العربية فلسطين أبداً لأنها تعتمد بشكل كبير على الأمن الأمريكي والإسرائيلي لحمايتها من شعوبها، إنهم أغبياء وقمعيون للغاية لدرجة أنهم لا يفهمون أنهم إذا دعموا فلسطين فلن يحتاجوا إلى الحماية من شعوبهم).
نعم هذه هي الحقيقة للأسف الشديد، والمصيبة انهم يغلفون عصيانهم بغلاف طائفي ينطلي على اصحاب العقول المشفرة. وبالتالي فأن عدم سقوط إسرائيل حتى الآن من أكبر الأدلة على خيبتهم وتعطل أدمغتهم، وليس على عبقرية الصهاينة وقوتهم. فلولا خطوط الإمدادات العربية لاسرائيل براً وبحراً، لما بقي للكيان الصهيوني وجود في الارض المحتلة، فقد فعلت المقاومة ما لم تقدر عليه جيوش عربية، لكن الرؤوس المشفرة هي التي تخندقت مع العدو. وهي التي كانت ترسل دواعشها لقتل العرب في العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن. .