بقلم : د. سمير عبيد ..
العراق طفل يتيم !
١-جميع العراقيين يراقبون الجدل المحتدم في اروقة الدكاكين والمطابخ السياسية حول من سيتولى منصب رئاسة مجلس النواب العراقي بعد إقالة السيد محمد الحلبوسي من منصبه بقرار من المحكمة الاتحادية العليا وعندما أعلنت في 14 نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٣ إنهاء عضوية الحلبوسي كنائب ورئيس للبرلمان..وان معظم المتابعين للملف العراقي ومعهم المختصين يعرفون ان كل دكان ومطبخ من هذه المطابخ والدكاكين السياسية يبيع بضاعته حسب توجيهات الدولة التي فتحت الدكان سين والمطبخ صاد في العراق ..وبالتالي فجميع ازمات العراق التي مضت وازمة اختيار بديل عن الحلبوسي وراءها دول تتصارع فيما بينها في العراق من خلال ادواتها العراقية التي تمكنت من صنعها وزرعها داخل النظام السياسي في العراق . ٢-وهذه حقيقة يعرفها ٩٠٪ من العراقيين وليس تجني من الكاتب . وبتوضيح اكثر إختصاراً ان ( العراق لا يمتلك قرار التحكم بسيادته وأمنه القومي ) فتحول إلى “ملطشة “بين الدول الصغيرة والكبيرة على حد سواء بسبب سوء ادارة قادته الذين لا يتوفر فيما بينهم ٤٠٪ من عنصر الثقة المتوفرة فيما بينهم لانهم ليسوا رجال دولة .فاصبح العراق بسبب سوء ادارة هؤلاء الساسة الصدفة مثل طفل يتيم وليس لديه من يحمي حقوقه وإنسانيته وكرامته وشرفه ومستقبلة فالكل يتاجر بالتركة التي ورثها والكل يدعي هو ولي الأمر لهذا الطفل اليتيم مقابل الاصرار على منع اهل ابيه وامه من التدخل وهم ” الشعب العراقي” !
اولا: من اشرف على صعود الحلبوسي واصبح رئيسا للبرلمان هي ايران .ومن أسقطته هي ايران وعندما خرج الحلبوسي عن الطريق الذي رُسمَ له في السفارة الإيرانية في بغداد وباركته طهران. وذهب للتعامل مع ألد اعداء إيران لا بل اعطى ظهره لإيران هذا من جهة . ومن جهة اخرى تخلى الحلبوسي عن الجهات السنية التي صنعت منه سياسي ونائب ومحافظ ومن ثم رئيس برلمان بل ناصبها العداء والكراهية وهي كتلة الحل واسرة ال كربولي .وباتَ يعمل على تأسيس دولة الحلبوسي البوليسية في العراق بصورة عامة وفي الأنبار والمنطقة السنية بصورة خاصة ليكون زعيم للاقليم السني في العراق بدعم منظمات ودول خارجية. فباشر بسياسة تفكيك العشائر الكبيرة وشراء الذمم ومحاصرة الأسماء البارزة ومنع تشكيل تنظيمات سياسية مناوئة له في الأنبار بشكل خاص وقي المنطقة السنية بشكل عام .فالرجل مارس سطوة ليكون مثل الجنرال خليفة حفتر في ليبيا !
ثانيا : الحلبوسي عُرف بأنانيته المفرطة اضافة لخبثه السياسي المصحوب بطغيان طائفي ومناطقي مقيت .والسبب لأن ورائه دول وجهات تغذيه بذلك .فكان سياسي خفيف الوزن ويظن انه سوف يضحك على الدول المتكارهة أصلا في المنطقة وفي العراق فسقط على رأسه في شر أعماله .وحتى عندما عُزل من رئاسة البرلمان ومن البرلمان كعضو فيه لم يصدق وبقي لفترة زمنية طويلة يتصرف كرئيس ويتحرك كرئيس حتى صحى من حلمه فعرف انه سوف يبدل بنسبة ١٠٠٪ . حينها كرس جهده ان لا يكون البديل من( الفلوجة ولا من الرمادي ) خوفا من انتهاء اسمه ومشروعه وتبخر كتلته .ولهذا مارس المراوغة ولازال يراوغ خصوصا عندما فشل بتقديم نسخه منه لكي يبقى هو من يتحكم بالبرلمان من وراء الكواليس ( وحتى عندما قدم الشيخ شعلان ال كريم مرشحا ) كان يريده ان يحترق وجماعته هم من سربوا الفديوهات ضد شعلان الكريم ليحترق .ولكن خطته فشلت فخسر شعلان الكريم وخسر مشروع بديله الذي هيئه ُ . خصوصا عندما بقيت الجهة المرشحة للسيد ( سالم العيساوي ) متمسكه بالعيساوي .
ثالثا:-وعندما احتدم الصراع بين الكتل السنية من جهة ، وانكشف مخطط نقل تنظيم الاخوان الدولي إلى العراق بدعم تركي وقطري، وتأسيس ( بيت سني ) بقيادة تنظيم الاخوان المسلمين ليأخذ زمام المبادرة والأمور ( وهو مشروع تركيا وقطر الذي فشل في سوريا بصمود الجيش السوري ونظام الاسد) من جهة اخرى . ونجاح تركيا ودولة قطر بشق الصف الشيعي الحاكم بحيث ذهب السيد رئيس الوزراء محمد السوداني كثيرا مع دولة قطر ومع حلفاء قطر في العراق ومنهم الخنجر والتنظيمات التابعة له … سارعت طهران ومن خلال السيد نوري المالكي الذي غير راضي من انصهار السوداني مع دولة قطر ومشروع الاخوان الدولي وبدون تنسيق مع الاطار التنسيقي فسارع المالكي لدعم ترشيح السيد( محمود المشهداني ) الذي هو سني ومن خلفية سلفية ورجل على علاقة ولاء مع طهران ومنغمس في توجيهات المالكي وطهران . هنا اختلف المشهد بسبب اختلاف ادوات الصراع !
رابعا :- الحلبوسي الضائع وجد بترشيح ( المشهداني ) قارب انقاذ له ليبقى قويا في الرمادي ويبقى سالما كزعيم سياسي لتقدم . والاهم من خلال دعمه للمشهداني سوف يخرج الرمادي والفلوجة من زعامة البرلمان وهذا سيريح الحلبوسي والاهم من هذا كله وجدها الحلبوسي فرصة ذهبية ليدعم المشهداني عسى ترضى عنه طهران والسفارة الإيرانية وتغفزان عنه وعن مافعله مع جهات ودول غير مرغوب فيها من قبل ايران وبعض القوى الشيعية في العراق .
موضوع السيد المندلاوي !
إذا بقي الصراع محتدم سيبقى السيد محسن المندلاوي رئيسا بالإنابة وسوف يستمر ليحقق انجازات وطنية بصورة عامة وشيعية بصورة خاصة من خلال تمرير القوانين التي كان يرفضها الحلبوسي وتمرير القوانين التي كان يتحايل عليها الحلبوسي فيغيبها..أما إذا حسم الموضوع وترشح رئيس جديد ونتوقعه ( المشهداني) فلقد نجح المندلاوي بتقديم نفسه قائد وطني وقائد شيعي جديد ومختلف ، وأفضل من الجميع في ثباته وشجاعته ومصداقيته وقربه من الناس والنخب وغير مرتجف امام السفيرة والسفارة… وبالتالي سيكون مشروع شيعي جديد له بصمة واضحة في قادم الايام .وربما سيكون هو الأقرب إلى الحنانة والصدر كونه حقق امنية السيد مقتدى الصدر بالتصويت على قانون حظر المثلية لأن الصدر ولوحده كان رافضا للمثلية والجندر والشذوذ والثقافة الاميركية الوافدة !
الخلاصة :
١-حسب اعتقادنا سيمضي المشهداني كمرشح تسوية بدعم تقدم والحلبوسي لان الأخير سينجح بابعاد زعامة البرلمان عن الأنبار والفلوجة ويبقى هو صاحب مشروع سياسي هناك .
٢-وسيتم ارضاء خميس الخنجر ورافع العيساوي بتحقيق كتلتهم الاخوانية الموالية لقطر وتركيا ولكن من خلال الفلتر الايراني ومراقبة المالكي لها .
٣- الخاسر شيعيا هو محمد شياع السوداني الذي لم يجيد اللعب على رؤوس الأفاعي . والرابح هو نوري المالكي في المستقبل القادم . وربح محسن المندلاوي من خلال نجاحه من الاستفادة من ازمة شغور منصب رئيس البرلمان فكسب الشارع والشيعة والسيد مقتدى الصدر وكسف المستقبل كزعيم شيعي صاعد !
سمير عبيد
١٣ ايار ٢٠٢٤