بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لا خير فيكم أن نسيتم، ولا خير فيكم إن بقيتم صامتين. سلاما على أهل غزة العزة. .
في ستينيات القرن الماضي، وعلى وجه التحديد أيام حرب فيتنام، وقف رجل خارج البيت الأبيض وبيده شمعة احتجاجا على الحرب، وظل يكرر وقفته كل ليلة منذ بداية الحرب وحتى يومها الأخير. وفي إحدى الليالي سأله صحفي: يا سيدي، هل تعتقد حقاً أن احتجاجك الصغير هذا ووقوفك سيغير شيئا ؟. .
فأجاب الرجل: (أنا لا آتي هنا لأغير شيئا. أنا آتي هنا حتى لا يُغيروا مني. لن أسمح لهم بمصادرة إنسانيتي. سوف أواصل الاحتجاج والذود عن الحقيقة. وأقوم بدوري الصغير كل يوم محاولا البقاء إنساناً مستيقظا وحساسا حتى لا تزيل الدنيا إنسانيتي). .
اما في البلاد العربية والإسلامية فعلى الرغم من الكوارث الدموية التي وقعت في غزة، وعلى الرغم من وجود أكثر من مليوني مدني تحت الحصار هناك، نصفهم من الأطفال. اختار العرب الوقوف موقف المتفرج. واختار طلاب الجامعات العربية الاختباء خلف مقاعدهم. ولم يكلفوا انفسهم عناء التعليق بكلمة واحدة على منصات التواصل. بينما انتفضت جامعات العالم في شرق الارض وغربها ضد حملات الابادة. .
لقد خرج علينا السيناتور
Lindsey يطالب بضرب غزة بقنبلة نووية، كما فعلت اميركا في هيروشيما ونجازاكي. من دون ان يجرؤ العرب على مقاضاته او الانضمام إلى جمهورية جنوب أفريقيا في الدعوى المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية. بل العكس تماما، فقد ألقى امين عام الجامعة عشرات الكلمات التي أدان فيها المقاومة الفلسطينية. وتصدى ملك الأردن بنفسه للصواريخ التي كانت في طريقها لضرب تل ابيب. وواصل السيسي حصاره في معبر رفح، لكنه انسحب أمام تقدم جيش الاحتلال الذي بسط سيطرته الآن على سيناء كلها. .
قبل قليل وجه رئيس الوزراء الماليزي (أنور إبراهيم) كلمته التي وبّخ فيها المستشار الألماني، كان المستشار يقف إلى جانبه مثل الماعز الجبلي المضروب على رأسه. قال له: (اين رميتم إنسانيتكم يا حضرة المستشار ؟. لماذا هذا النفاق ؟. لماذا هذا الموقف الانتقائي المتناقض تجاه عرق وآخر ؟). .
الآن وفي ذكرى النكبة الأولى تواصل العصابات الصهيونية انتهاكاتها الإنسانية في جباليا وبيت لاهيا وخان يونس ورفح بنفس الطريقة التي انتهجتها منذ 76 عاماً. ويقف خلفها العالم المتآمر، وشركاتهم الكبرى، وقنابلهم الذكية والغبية، وأحدث طائراتهم، وأحدث تكنولوجيا، واحدث وسائل تجسس، وفسفور أبيض وقنابل زنة طن، ودبابات وإعلام ومليارات وبوارج، تجري هذه المجازر امام أعين الشعب العربي الساكت المنافق. فقد ساد الصمت المطبق على الشعوب والحكومات في كل بقعة من بقاعهم. .
لقد اختفت النخوة العربية، واصبح وصول البيتزا أسرع من وصول المساعدات إلى الجياع في غزة. وفقدان الهاتف المحمول أكثر ألماً من فقدان الكرامة. وأصبح التدليس والتضليل من اهم قواعد العمل في فضائيات العرب. فالخيانة عند إبراهام عيسى ذكاء، والمقاومة في حسابات (اخرق جاموسة) ارهاب. والعري أناقه والحرية تخلف. .
كلمة اخيرة: عندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية دعم الكيان ارسلت اليهم أساطيلها البحرية والجوية. اما العرب فعندما ارادوا دعم غزة أمروا شيوخ المنابر باعلان جهاد السنن. .
الاعراب اشد كفراً ونفاقاً. .