بقلم: كمال فتاح حيدر ..
تخيل انك تجلس مع صلاح وصالح ومصلح وصلاح الدين ومعهم شلة (أو ثلة) من كبار القادة في مقهى الصالحية حيث تنعدم الرؤية، وتختفي البصمات، وتخيل انك ناقشتهم عن منجزاتهم المتحققة والملموسة على ارض الواقع منذ بداية جولتهم النيابية الأولى وحتى نهاية جولتهم النيابية الخامسة التي سوف تنتهي بنفس المشاهد الكارتونية المتكررة. فإذا استطعت ان تنفذ بجلدك وتخرج سالماً بعد طرحك السؤال الأول. فلابد أن تصاب بعاهة دماغية تُنقل بعدها إلى مستشفى الأمراض العقلية. .
فلكل من هؤلاء منهجه الاصلاحي غير المنظور، ورؤيته المستقبلية الرمادية، وشعاراته الانتخابية الأفيونية. لكنك (إن جيت للحق) لن تلمس منهم ما يثلج صدرك، ويفرح قلبك، وينعش تطلعاتك الوطنية في أي محور من المحاور الخدمية أو الإنتاجية وذلك على الرغم من تراكم الميزانيات المليارية الثقيلة، وتفاقم تخصيصات المشاريع الضخمة. .
خذ على سبيل المثال أحاديث ألف ليلة وليلة عن مشروع ميناء الفاو الكبير، ونظرتهم الفسفورية البرّاقة لهذا المشروع الكوني، وعبقريتهم التي تجاوزت عبقرية الفرنسي (فردينان دو ليسبس) عن قناة السويس. لكنهم استغنوا في نهاية المطاف عن 100 رصيف، واختزلوها بخمسة أرصفة لم تزل في طور عذراء داخل شرنقة، ولم تصبح حشرة كاملة. .
يتساءل المواطنون خلف مقهى الصالحية عن احتمالات الإصلاح في ظل المحاصصات التي غاب عنها المبدعون، وضاع فيها الخيط والعصفور. فيقولون: كيف يستقيم الإصلاح أمام تعاظم قوة الدكاكين النفعية التي ارتبطت بالغنائم والمكاسب ؟. وكيف أصبحت القوات الإصلاحية المسلحة هي التي تزيح المدراء، وتطردهم لتستخلف غيرهم من دون مراعاة لمتطلبات التوصيف الوظيفي. .
يستمد المصلحون في بلادي أفكارهم الإصلاحية من التدين الشكلي، ويتأثرون بمظاهر الطقوس والشعائر الموسمية. المشكلة الأخرى انك لن تقرأ مقالة كتبها صالح أو مصلح أو صلاح الدين، وليست لديهم أي مشاركة في مؤتمر علمي أو في برنامج تطويري أو نهضوي أو تنموي. والأغرب من ذلك انك لو جمعت الدراسات والأبحاث التي يعدها المبدعون والمتخصصون. ثم وضعتها فوق بعضها البعض لوصل ارتفاعها اعلى من قمة جبل (هلكورد) وهو أعلى القمم الجبلية في العراق (ارتفاعه 3607 مترا). لكن صلاح ومصلح وصلاح الدين لا يقرأون، ولا شغل لهم بالنواحي التنموية والتطويرية، وسوف يأتي اليوم الذي يقول فيه الشعب كلمته لاختيار الأفضل. .
سُئِلَ علي بن أبي طالب: ما يفسد أمر القوم يا امير المؤمنين ؟. فأجاب ثلاث. وضع الصغير مكان الكبير. ووضع الجاهل مكان العالم. ووضع التابع في القيادة. وويل لأمة مالها بيد بخلائها، وسيوفها بيد جبنائها، وصغارها غلاتها. .