بقلم: كمال فتاح حيدر ..
من الطبيعي ان يكتسب الإنسان شهرته بالكفاح والمثابرة وإتقان مهاراته الإبداعية، وقد ينال شهرته للأسف الشديد عن طريق الكذب والنفاق والتدليس والتهريج والإسفاف، سيما اننا نمر اليوم بأحلك مراحل عصر التفاهة. ويالتالي فان كل النماذج الفيسبوكية مؤهلة للشهرة. .
خذ، على سبيل المثال، الحلقة التي نشرها (صابر مشهور) على صفحاته المتعددة حول بطولات صدام حسين بدعوى انه الرجل الذي انقذ العالم الأسلامي بمفردة على مدى 23 عاما. ابتداء من عام 1980 ولغاية عام 2003، ومواقفه القومية والوطنية المزعومة في التصدي للحلف الأمريكي الإيراني الإسرائيلي. وزعم (مشهور) في المقطع المنشور بالصوت والصورة: ان دول الخليج ومعها تركيا مدينة لهذا الرجل، لأنه نجح في تأخير سقوطها، ووفر لها المناعة السياسية من الرضوخ لأمريكا واسرائيل، وما إلى ذلك من ادعاءات وتصورات خاطئة لا أساس لها من الصحة، ولا علاقة لها بالوقائع التي عاصرناها وشهدنا تقلباتها بأنفسنا. .
أولا: ان دول الخليج لم تسقط، ولم يتزعزع امنها في السنوات التي يتحدث عنها (مشهور)، ولا في السنوات التي لحقتها، بل انها شهدت تقدماً هائلاً واستقراراً سياسياً ومالياً واقتصادياً تُحسد عليه. ومما لا ريب فيه ان هذا الازدهار والتقدم يسري على الدولة التركية التي حققت اعلى قفزاتها النوعية في كل المجالات. .
ثانياً: ان صدام حسين نفسه هو الذي تسبب في تهديد امن الخليج عندما قرر غزو الكويت، واحتلال أجزاء كبيرة من المملكة العربية السعودية، حتى وصلت دباباته إلى مدينة الخفجي، وبسطت نفوذها عليها. .
ثالثاً: ان ايران لم تكن من ضمن قوات التحالف الأمريكي التي شاركت في حروبها المسعورة ضد العراق، وان قوات التحالف لم تجتاح العراق عبر الحدود الإيرانية، بل دخلت علينا من البوابات الكويتية والسعودية والأردنية. .
رابعا: ان القواعد الأمريكية منتشرة في البلدان الخليجية وفي الأردن (16 قاعدة) قبل المدة التي يتحدث عنها مشهور، وان الطائرات التي قصفت العراق انطلقت منها، وليس من الأراضي الإيرانية التي تخلو تماما من القواعد الغربية. .
خامساً: ان صدام نفسه حذر عشرات المرات من خطورة التحالف الذي أسسه ضده العرب بالتنسيق مع أمريكا واسرائيل، وقال في خطابه الأخير: (لقد غدر الغادرون). .
سادساً: ان محور المقاومة ضد التحالف الأمريكي الإسرائيلي تقوده الآن ايران وأذرعها في سوريا ولبنان واليمن والعراق، بينما تشترك الأردن ومصر في الذود عن إسرائيل وفي تفعيل جسور الإمدادات اللوجستية، وفي مواصلة الحصار على غزة. .
ختاماً: لسنا هنا بصدد التماس الأعذار لإيران أو لغيرها، بقدر ما نريد ان نكون واقعيين ومنطقيين في استعراض الحقائق. والابتعاد قدر الإمكان عن الثرثرة الفارغة، وأن نتجنب التشويش على عقول الناس في هذه المرحلة الحرجة. .