بقلم : محسن الشمري ..
كلا الأمرين من الأمور الاخلاقية المعاملاتية المرتبطة بتنظيم الأمور بين الناس ان كانوا اثنين او اكثر وكلما ازدادت مساحة وعمق وارتفاع والامتداد الزمني لتاثير المداراة والمداهنة فالإنسان يحتاج إلى فهم اكثر لمعنييهما حتى يطبقهما بطريق نافعة له ولمن حوله من اهله وابناء مجتمعه وشركاءه في الوطن والثروات.
قال الامام محمد الجواد(ع):من هجر المداراة قارنه المكروه،
ومن لم يعرف الموارد أعيته المصادر،ومن انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة وللعاقبة المتعبة.
في هذا الحديث مباحث كثيرة ومنها ذكره المداراة التي تضادها المداهنة.
حدود المداراة والمداهنة في القران الكريم:
وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (الأنعام:108)
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا(النساء:140)
قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (الانبياء:60)
لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (النساء:148)
معنى المداراة في اللغة:مصدر دارى، يقال: داريته مداراة: لاطفته ولاينته، ومداراة الناس: أي ملاينتهم وحسن صحبتهم واحتمالهم؛ لئلا ينفروا عنك. واصطلاحا: قال ابن بطال: (المدَاراة: خفض الجناح للناس، ولين الكلام وترك الإغلاظ لهم في القول).
ومعنى المداهنة:فسر العلماء بأن المداهنة هي معاشرة الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه. وقيل أن المداهنة هي ترك ما يجب لله من الغيرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتغافل عن ذلك لغرض دنيوي أو هي المعاشرة والاستئناس مع وجود ذات المنكر لا أثره والقدرة على الإنكار.
التوحيد والرحمة والعدل مكونات وعاء شريعة الواحد الاحد وانتفاء التوحيد ينتج الإلحاد وغياب الرحمة ينتج الطغيان وتغييب العدل ينتج الظلم.
الشرك والكفر ينتجان دين الملك ويشيعانه على حساب الشريعة السماوية.
اتباع الهوى واتخاذ الهوى اله؛يُخرج الشرك الخفي إلى العلن وعندما يجتمع اهل الهوى على اله مشترك عندها تنتشر الأصنام الثابتة والمتحركة وتكون هذه الأصنام قدوات تنشر الفساد ان كانت متحركة وتكون هذه الأصنام مظلات للفساد واهله عندما تكون ثابتة.
لذلك يتوجب على كل انسان ان ينهض بتكليفه وان يختار الفاس المناسب لان اشكالها وأنواعها تتغير مع تغير نوع الأصنام واستخدام الفأس واجب على كل موحد مسلم كما في قوله تعالى:إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الانعام:79)،ليكون متبع إلى النبي إبراهيم(ص) حتى يثبت انه حنف عن طريق الشرك والالحاد والكفر واستخدام الفؤوس المناسبة شهادة ايمان ينالها اي انسان في حياته ليتعرف انه قد نال الخلود الذي طلبه خطأ النبي ادم(ص) في تلكم الشجرة كما في قوله تبارك وتعالى:وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ(البقرة:35)،قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (الأعراف:23)