بقلم: كمال فتاح حيدر ..
من المعلوم ان دور المعارضة في العراق أو خارج العراق لا يقل أهمية في الأعراف الديمقراطية عن دور الأحزاب الحاكمة. فبعض الاحزاب العراقية انسحبت من العملية السياسية برجولة الفرسان، وتركت مقاعدها في البرلمان واختارت التخندق في جبهة المعارضة من دون ان ترتمي بأحضان الاعداء، ومن دون ان تبيع نفسها إلى المخابرات الخارجية، ولم تلتحق بركب الموالين للقوى الدولية الغاشمة. ذلك لانها تؤمن بالحكمة التي تقول: (لا تقف مع أعداء وطنك، حتى لو كان وطنك مجرد رصيف تنام عليه ليلاً). .
لكن الطامة الكبرى ان بعض الشخصيات العراقية المعروفة (لا نريد ذكرهم بالأسماء) اختاروا الوقوف منفردين في جبهة أخرى منعزلة ومنفصلة من جبهات المعارضة. كنا حتى وقت قريب نشاهد مقابلاتهم المتلفزة، ونتابع تصريحاتهم المشاكسة، ونقرأ انتقاداتهم اللاذعة عندما يتهجمون ضد كبار السياسيين. لكنهم اصبحوا بعد الحرب على غزة من الموالين لإسرائيل، ومن المطبلين لحلف النيتو، ومن الناقمين على المقاومة في فلسطين وفي جنوب لبنان وفي العراق واليمن وفي كل مكان. وصاروا يغردون على أنغام عيدي كوهين. بل تحولوا إلى أبواق صهيونية مؤيدة لسياسة نتنياهو، وداعمة للمعتوه بن غفير وتابعه سموتريتش. .
البارحة كان اثنان منهم يمجدون بقوة جيوش الاحتلال، ويبالغون باستعداداتهم الحربية، يزعمون انها قادرة على إطلاق 100000 صاروخ دفعة واحدة لسحق جنوب لبنان في غضون دقائق معدودات. .
من كان يتخيل ان هذا المعارض العراقي أو ذاك يقفز من سفينتنا ليسبح عارياً نحو شواطئ حيفا، ويعلن ولاؤه الكامل للحريديم والسفارديم ؟. ولا يعلمون ان إسرائيل تتعامل معهم مثلما تتعامل باغيات الحارات القذرة اللواتي يعرضن بضاعتهن في منعطفات الأزقة الضيقة، بعدما اصبحن منبوذات بسبب سمعتهن السيئة. فاختار هؤلاء السهر في مخادع اسرائيل ليلاً، من دون ان يدركوا انهم اصبحوا في قبضتها، وأنها مستعدة لفضحهم في كل الحارات. .
نحن بحاجة للخلافات لمعرفة ما يخفيه الآخرون في قلوبهم. قد تجد ما يجعلك في ذهول، وقد تجد ما يضطرك لإعادة حساباتك. .
ختاماً: إذا رأيت للأقزام ظلا طويلا فاعلم ان الشمس توشك على الغروب. .