بقلم: كمال فتاح حيدر ..
هذه حزمة من التنازلات الدولية الغبية التي أرتكبها ولاة الأمور في البلدان الإسلامية لأسباب تافهة، وقدموها على طبق من ذهب لمن لا يستحقونها. نستعرضها هنا عبر مراحلها التاريخية المتعاقبة حسب الترتيب الزمني لكي نستلهم منها المواعظ والعبر. .
يبدأ مسلسل التنازلات من الخليفة العثماني التاسع عشر، السلطان إبراهيم الاول (1615-1648) وكان مولعا بالجواري. يذكر المؤرخ (مصطفى نعيمة) انه تنازل عن خزينة مصر لمدة عام كامل كمهر لجاريته المحببة (تيلي خاتون)، وأمر بتجهيز قصر إبراهيم باشا الإفرنجي، وفرشه لها بسجاد من فراء السمور. لكنه لم يهنأ طويلا بزواجه، فقد خلعته القوات الإنكشارية بعد بضعة اشهر، ومات مخنوقا في قصره. .
يأتي من بعده في مسلسل التنازلات المشير محمد الصادق وهو باي تونس الثاني عشر (1813-1882)، الذي تنازل عن جزيرة (بنت الرياح) مقابل جارية حسناء، والجزيرة تُعرف الآن باسم (بانتيليريا) باللغة الإيطالية، وتعد من أكبر جزر صقلية، ورابع أكبر جزيرة في إيطاليا. تتبع من حيث التقسيم الإداري إلى بلدية تراباني، وعدد سكّانها يقارب 10 آلاف نسمة. .
يأتي من بعدهم ملك المغرب، السلطان عبدالعزيز بن الحسن (1872-1943)، الذي كان مولعا حد الهيام بقيادة الدراجات الهوائية، بكل أنواعها وأشكالها، وتنازل إلى إسبانيا عن 16 جزيرة من الجزر الاستراتيجية مقابل دراجة هوائية وجد نفسه مهووساً بها بمجرد ما وقعت عيناه عليها وكأنه طفل صغير. .
لقد حدثت تلك التنازلات في الماضي، لكننا لا نعرف حتى الآن الاسباب والمسببات التي دفعت مصر في زمن السيسي للتنازل عن حقولها الغازية والنفطية لمصلحة اسرائيل وقبرص واليونان، والتنازل عن مياه النيل لمصلحة إثيوبيا ؟. ولا ندري لماذا تنازل مصطفى الكاظمي عن الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الأردنية، ولماذ فتح لهم مدن العراق لتسويق منتجاتهم الزراعية والصناعية ؟. ولا نعرف الظروف والأسباب والغايات التي ربما تدفع العراق للتنازل عن نفط البصرة لمصلحة كل من الأردن ومصر ؟. .
وفي الختام لابد من طرح التساؤلات المصيرية للتعرف منذ الآن على حجم التنازلات المحتملة والمتوقعة التي ربما يقدمها العراق للغير في المستقبل القريب ؟. وما هي المكاسب السيادية والمادية المترتبة على تلك التنازلات لا سمح الله ؟. .