بقلم: كمال فتاح حيدر ..
نتكلم هنا عن فئة من النرجسيين الذين يعيشون بيننا، وظلوا ينعمون بالسلطة والوجاهة والمكانة الاجتماعية المرموقة حتى يومنا هذا. لا ندري من اين جاءوا ؟، وكيف طفحوا فوق سطح المشهد السياسي العراقي ؟. .
كيف ولماذا ومتى ؟. لا أحد يعلم. كل ما نعرفه عنهم انهم من كبار القياديين. لم نقرأ لهم مقالة واحدة، ولم تكن لديهم مؤلفات منشورة، ولم يشاركوا في الندوات أو المؤتمرات. .
نعم. . كنا نشاهدهم في الصفوف الاولى لمعظم الاجتماعات لكنهم لا يتكلمون، ولا يبتسمون، وربما لا يتنفسون. . لا لون لهم، ولا طعم. لا ينفعلون ولا يشتعلون ولا يساعدون على الاشتعال. وهذه صفات الأوكسجين إلا ان الفرق بينهم وبين الأوكسجين انه أساس عملية التنفّس الخلوي عند الإنسان والحيوانات، ويدخل في عملية التركيب الضوئي عند النباتات. .
اللافت للنظر انهم لا يشاركون في التعليق على صفحات مواقع التواصل، بل ليست لديهم مواقع، ولا نعرف ارقام هواتفهم. يرفضون مجالسة الفقراء ويستنكفون من التحاور معهم. يصرّون على السير في المقدمة، والصلاة في المقدمة، والجلوس في المقدمة، والتنقل بعربات فاخرة وحديثة. .
شاهدت احدهم على شاشة التلفاز في بعض الحالات النادرة. يجيب على الاسئلة بطريقة ميكانيكية متشنجة، ينظر إلى سقف الاستوديو. يتكلم همسا. لا يرمش ولا يحرك لسانه إلا عندما تضطره الحروف الحلقية. يذكرني هذا وامثاله بقول الاخطل شعراً: قومُ اذا استنبحَ الاضيافُ كلبهَمُ. قالوا لإمهم بولي على النارِ. فضيّقت فرجها بُخلاً ببولتها. فلا تبول لهم الا بمقدارِ. .
نرجسيون ومتغطرسون ومتعجرفون، يتمحورون حول ذاتهم بشكل واضح وصارخ في سلوكياتهم الثلجية الباهتة، يستغلون الآخرين، ويحرصون على أن يجعلوا الناس عبيدا لهم. لا يرتاحون عندما يتحركون خارج مسارح الأضواء والشهرة. قد يمكنك التعايش معهم، ما دمت لا تشكل تهديدا واضحا لتطلعاتهم، لكن الأمر يختلف تماما عندما تصبح هدفا لهم. وربما يصبحون سببا في تدمير كل من يقف في طريقهم. .
يميلون إلى المماطلة بالأمور التي تتطلب منهم الالتزام بوعودهم التي قطعوها على أنفسهم. يحاولون إخفاء ارتباكهم من خلال التظاهر بعدم الفهم. وربما لا يفهمون، ولا يحبذون القراءة والكتابة. .
حقيقة الأمر: معظم الناس يصنعون من الحمقى قادة ثم يسألون انفسهم: من اين جاء هذا الخراب ؟. . .