بقلم : وجيه عباس ..
إلى سيد الشهداء بن سيد الأوصياء بن سيدة النساء بن سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين:
مثلك سيدي أبا عبدالله لا يحتاج إلى ديباجة للتقديم، أنت الحسين بكل ماتعنيه هذه القيامة من عنوان، نحن أسارى دمك الذي وضعنا في خانة العبودية ولم نستطع أن نخرج منها حتى الآن، دمك السجّان أغلق علينا باب الخروج لأننا كنا نجهل لغة الدم ومازلنا حتى الان ننظر إلى اللون الأحمر بشهوة الذل، إن كان يزيد قتلك مرة واحدة فنحن نقتلك في اليوم ألف مرة، وإن كان عسكر عمر بن سعد نهب خيامك وأحرقها مرة واحدة، فنحن ننهب خيامك ونحرقها ألف مرة بوجود ألف سيارة للإطفاء أصدر لها السادة المسؤولون أمراً بعدم التدخل ،من لايشارك في قتلك يا أبن قتّال العرب كيف يمكن له أن يفتخر بأنه عبد للقومية العربية؟ من لايرى سيف أبيك علي (ع) وهو يقطر بدم العربان كيف يمكن له أن يثأر من اليهود!؟ من ينظر إلى سواد نسائك وبنات الوحي كيف يمكن له أن يتحرر من وهم (ايف سان لوران؟)وعطور(شانيل)؟، من يرى صبيتك وأيتامك وهم يتراكضون من ألم السياط كيف يمكن له أن يتناسى حق الأطفال في ممارسة الطفولة؟.
سيدي العظيم: أنا ممن تربّى على مائدتك التي أشبعت الارواح بالثورة، كنت بيننا وبين الله نافذة للبوح، كنت أقرب إلينا يوم سقطت على الأرض، نحن أبناء التراب الذي عفّر وجوهنا الذل منذ آدم وحتى كربلاء، باب فاطمة فتح نافذة لكربلائك فتناسلت الكربلاءات من النوافذ، بيننا وبينك قاصم مشترك، يزيد وصدام والذين معه رسموا لوحة لإسلام ليس له علاقة بإسلام محمد العظيم صلى الله عليه وآله وسلم، افهمونا أنهم أنبياء جدد للحداثة والسياسة ومفاهيم الجذر التربيعي للخلافة الراشدة، لكننا كذبناهم وأتينا بصدقنا ووحشتنا وغربتنا إليك، لأنك ابن فاطمة وعلي وسبط محمد الغريب عليهم السلام، من أجل هذا أصدروا قراراً بتنفيذ قرارات الإعدام التي وقّع عليها نائب رئيس جمهورية الإسلام الأموي الرفيق المناضل أبو سفيان في دار الندوة يوم كانت تعرض فيلم (الرسالة) بنسختها الانجليزية!.
وجودك في الحياة فرصة عظيمة لاستغلال صورتك أو استثمارها، نحن الفقراء أصحاب مشاريع لإنتاج الولاء والدمع الذي يسيل إليك، الدموع التي جرت عليك من فقراء أمة جدك الغريب صلى الله عليه وآله تعادل نهراً لايشبهه نهر مالح، لسنا ماديين لنذهب مع فكر يقدّس تقبيل البساطيل من أجل رأس أصلع يلمع في ورقة الدولار، لم نكن وجوديين لنعرف أن وجودنا صدفة عثرت بقدم أحدهم فرفعها إلى رأسها ليؤمن الآخرون بها، الفلسفات التي أبعدتنا عنك أرجعتنا إليك، لهذا عاد الإبن الضال إلى فرصته العظيمة التي استغلها واستثمرها الباحثون عن السلطة والمال والنفوذ، الباحثون عن يزيد لابد أن يقف الحسين أمامهم ولابد لهم أن يشاركوا في قتله يومياً، يوم جلس الآخرون على الكراسي لم نجد مكاناً على التراب، ويوم بسطت الكراسي أرجلها على التراب ضعنا، لم نكتشف الأرجل الست لكراسي الحكم إلا حين التصق المسؤول بكرسيه مثل عابد يلصق خده بالحجر الأسعد، كنا سعداء بفقرنا، وكانوا حزينين بغناهم، أعلم أنك تعود معنا لتلمنا أوراقاً من قصب برديّ يتساقط تحت ريح سؤالهم، طرقنا الأبواب مثل القصب النائح في ليلة عاشوراء، وجدنا العمائم تهرب منك إلى حيث ينام المستثمرون، وجدنا الجباه التي كانت تسجد على تربتك الشهيدة تهرب منك إلى غيرك،أنت ربح نفسك وخسارة غيرك إلا من عرف لغة دمك النبي لأن التأريخ مجموعة أكاذيب متفق عليها كما يقولون!.
مثل مواطن مهضوم، أحمل بيديّ العاريتين شكوى لفيف من أهلك وجيرانك، هل أحملها لتنام قرب جسدك المثخن بالسهام والسيوف والدولارات والتومانات والدنانير العراقية؟ جسدٌ نبيٌّ مغلّف بالأوراق المالية يهرب منها إلى حيث ينام الفقراء،وأقول ياسيد الشهداء:
الذين جاؤوا بإسم علي يحكمون بإسم معاوية.
الذين جاؤوا بإسم الحسين يحكمون بإسم يزيد.
وطن يتكاثر فيه العاطلون والسياسيون والقوادون والقاتلون والذابحون، وطن العازة التي اندلقت خارج حيطان البيوت وهي تبحث عن أمانة بغداد، وطن الكرامة المسلوبة في زمن يحتلك فيه أي شيء في بغداد وتبحث عن خلاصك في واشنطن، وطن يشتريك بالمفرد ويبيعك وعيالك بالجملة، وطن يغلق البارات ويفتح المجاري على أهله!!، السيارات التي انفجرت بوجه عراقييك كانت تبحث عنك في كربلاء، لم تكن تريد أن تزداد التفاصيل مثل سيناريو مملّ في نظر المخرج الأموي!، كان يكفي أن يرسل عمر بن سعد سيارة مفخخة وعشرة أحزمة وثلاث عبوات ناسفة وكاتم للصوت يمسح كربلاء عن وجه خارطة الطريق الأموي السريع، لن تبقى هناك خيام تحترق، وخاتمك الذي خلع اصبعه سيضيع كما ضاع العراق، سترض العرائض جسدك النبيّ، وترفع الرماح طلبات تعيينهم أمام البرلمان العراقي، وتصيح النسوة في الأسواق:عمت عين اليصد بالعين لينه….سيهرب الأطفال إلى حيث يوزعون السياط مع الحصة التموينية، ستسير النوق الهزّل بسرعة الضوء الى دمشق العروبة، ستقف وحيداً يامولاي وأنت تبصر نفسك محاطاً بالملايين التي تريد ترشيحك نائباً في البرلمان العراقي عن كربلاء، حتى لو حصلت على أعلى الأصوات سيتم تعيين ممثل دولة القانون، الدستور العراقي يحمي المغفلين، ومجلس القضاء الأعلى برمج القضة للدفاع عن مكتسبات القضية، ربما يمر أمامك مواطن مهضوم مثلي ويسأل نفسه:الحسين الذي بكيت عليه عمري وأوقفت له مدامعي مطالب بأن يقول ليزيد الديمقراطية:
-قف مكانك.