بقلم: كمال فتاح حيدر ..
قد تستدعي الدولة سفراءها لمناقشة المستجدات المرتبطة بالعلاقات الثنائية، وقد تستدعي الدولة سفيرا يمثل دولة أخرى على أرضها لتسليمه مذكرة احتجاج، وقد تستدعي اللجان النيابية مسؤولا تنفيذيا فتستضيفه للاستفسار عن بعض الشبهات، وقد تستدعي إدارة المدرسة أولياء أمور التلاميذ المشاكسين أو المهملين لتقويم سلوكهم التربوي وتحسين مستوياتهم التعليمية. وقد تستدعي السلطة القضائية شاهدا أو خبيرا من اجل استكمال الإجراءات الرسمية المتعلقة بإحدى الدعاوى المعروضة عليها، أو للمثول أمام المحكمة. .
فكلمة (استدعاء): لها تفسيرات متشعبة. لكن بعض التفسيرات تصبح مخلة بالعمل الوطني عندما يُستدعى زعيم عراقي كبير يترأس كتلة سياسية فاعلة للمثول امام رئيس دولة اخرى من دول الجوار في تصرف يتقاطع تماماً مع قواعد السلوك الدبلوماسي، ويتنافى مع سياقات الانتماء الوطني، ويعكس هيمنة الأقوى على الأضعف، بما يسمى علاقة التابع بالمتبوع، وينتقص من سيادتنا وكرامتنا. ويعيدنا إلى ما حدث في عام 2017 عندما قررت دولة عربية استدعاء رئيس وزراء دولة عربية اخرى، وأرغمته على الاستقالة من منصبه، وحرمته من العودة إلى بلده، أو التواصل هاتفيا مع اركان حكومته المستضعفة، ويقال انهم احتجزوه، ومسحوا بكرامته الارض. وتعاملوا معه وكأنه جندي من جنودهم المخالفين للتعليمات والضوابط. .
وبالتالي يحق لنا في العراق ان نتحسس من بعض المفردات المتداولة هذه الأيام في نشرات الأخبار حول قيام دولة من دول الجوار باستدعاء مجموعة من كبار السياسيين للمثول أمامها بذريعة مناقشة اوضاعنا الداخلية، أو للتنسيق معهم في أمور لا علاقة لها بها. .
اللافت للنظر ان هذه الاستدعاءات جاءت بالتزامن مع التحركات العسكرية والضربات الجوية التي تعرضت لها بعض المواقع في بغداد والمدن اخرى. .
لا نريد الولوج في التفاصيل بقدر ما نريد تنبيه مؤسساتنا الوطنية بهذه الخروقات والانتهاكات المتكررة. .
ان كرامة الإنسان في العراق هي قيمته، ولا يمكن ان ينجح قادة البلاد في إصلاح أوضاعنا الاجتماعية والسياسية والحقوقية دون صيانة الكرامة الوطنية والإنسانية للأحزاب والجماعات والأفراد، فالاعتزاز بالوطن هو القيمة التي لو سقطت ربما سقطت معها سائر القيم. .