بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اللافت للنظر ان دول الجوار المتاخمة للعراق (ايران – الكويت – السعودية) صارت تشكل مثلثا بحريا يعج بالنشاطات التنقيبية الدؤوبة، وصارت تواصل أعمالها اليومية بلا هوادة، وتتواجد في مناطق بحرية مختارة وغنية بالثروات، وصارت تعقد اجتماعاتها السرية والعلنية لكي تتقاسم المسطحات البحرية العراقية، بل توجهت نحو بسط نفوذها للوصول براً وبحرا الى مقتربات المناطق المحاذية لسواحل الفاو وام قصر وخور الزبير، وتمارس الآن عمليات التنقيب والاستكشاف والحفر على قدم وساق بحثا عن حقول جديدة للنفط والغاز. وربما تقترب اكثر فاكثر حتى تتجاوز خور عبد الله (نسبة إلى عبدالله التميمي العراقي) بمناطقه الضحلة (فيشت العيك – ورأس الگيد – وبوبيان)، وربما تتمادى بتجاوزاتها وتتغلغل داخل منطقة خور العُميّة مثلما تمددت نحو خور الخفقة، لتقترب من مدخل شط العرب، ومركات عبد الله، وربما تتوغل في مصب شط العرب حتى تصل الى رأس البيشة مستفيدة من المقاطع التربيعية التي وردت في خرائط البرتوكولات الامنية الموقعة عام 2008 بين ممثلين قيادتي القوات البحرية من وزارتي الدفاع العراقية والكويتية.
من يتابع الآن تحركات منصات التنقيب الكويتية والايرانية والسعودية، وتداخلها في الجزء الشمالي من حوض الخليج العربي دون إشتراك (أو إشراك) العراق، تنتابه الريبة حول ما يجري هناك، ويشعر بالحزن والاحباط متسائلاً عن سر غيابنا وانكماشنا إلى الداخل، وسر تهميشنا لكبار الخبراء الوطنيين الذين كانت لهم صولات وجولات في الذود عن حقوقنا السيادية، واعمال تحديد وترسيم الحدود والمجالات البحرية طيلة العقود الماضية، بعد ان تركوا بصماتهم المؤثرة في هذا المجال فنيا وعمليا ودبلوماسيا. نذكر منهم على سبيل الثناء والإشادة والعرفان:-
- اللواء الدكتور المهندس جمال ابراهيم الحلبوسي / خبير الحدود والمياه الدولية في مستشارية الامن القومي. .
- الكابتن كريم جبار السوداني / وزارة النقل (متقاعد). .
- الكابتن سمير عبدعلي مرزوق / وزارة النقل (متقاعد). .
- الدكتورة رحاب خالد الجبوري / وزارة الخارجية. .
- رئيس الجيولوجيين الاقدم صلاح عبد السادة / وزارة النفط – نفط الجنوب. .
- حيدر نجم التميمي / وزارة الخارجية. .
- الكابتن اسعد داود / وزارة النفط – نفط الجنوب. .
- المهندس حيدر البطاط / وزارة النفط – نفط الجنوب. .
ترى لماذا استغنت الدولة، بطريقة او باخرى، عن جهود هذه النخبة المنتخبة من اصحاب المواهب والمهارات في هذا المضمار ؟. ولماذا كرست اهتماماتها بنقل نفط البصرة الى الاردن ومنها الى مصر ؟. وهل من المعقول ان تصل عندنا اعراض الشيزوفرينيا السياسية الى التخبط في اتخاذ القرار الصحيح، والتهاون في الدفاع عن حقوقنا السيادية والوطنية ؟. .
ثم لماذا لم نسمع كلمة فصيحة صريحة واحدة من ذوي الشأن، ولماذا لا يتحدثون معنا بكل شفافية عما يجري الآن في مياهنا الاقليمية، وبحرنا الإقليمي، والمنطقة المتاخمة، والمنطقة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري، وما سوف يجري في الايام المقبلة ؟. ولماذا لاذت لجنة النفط. والغاز النيابية بالصمت المطبق ولم تتابع المتغيرات في حقل غاز (جمال – طوينة) العراقي، وليس حقل غاز الدرة أو آراش، وحقل النفط والغاز الجديد المعلن عنه بإسم (النوخذة). .
هل يعقل انها لا تعلم، ولا تدري، وليست لديها فكرة عن حجم عمليات الحفر والتنقيب التي اقتربت رويدا رويدا من سواحلنا، وصرنا نراها بالعين المجردة من دون حاجة الى النواظير والرادارات، وتعمدت دول الجوار نشر خرائطها ومرتسماتها المستحدثة من دون ان تحسب اي حساب للعراق ؟. .
فمن كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى وأضل سبيلا. .