بقلم: كمال فتاح حيدر ..
من الأمثال العراقية الدارجة، قولهم: (إن چان هذي مثل ذيچ خوش مرگه وخوش ديچ) ويضرب لتكرار المواقف الانتهازية المتمثلة بالإخلال بقواعد السلوك الوظيفي وصولا إلى استثمار الفرص وتحقيق الطموحات النفعية على حساب المصلحة الوطنية. .
ففي الحقبة الماضية كانت الحقائب الدبلوماسية توزع بمعايير انتقائية على المقربين، واصحاب الحظ الأوفر، بمعدلات وصلت إلى 50%. ونخشى ان ترتفع النسبة في ظل المحاصصات الحزبية والطائفية والقومية والمناطقية إلى المعدلات المخيفة. ونخشى ان يتضرر المستحقون الذين توفرت فيهم مؤهلات الترقية في السلك الدبلوماسي، من دون ان يلتفت اليهم وزير الخارجية على الرغم من مضي سنوات وسنوات على مناشداتهم المخنوقة والمكبوتة. .
فقد نشر رئيس الهيئة التنفيذية (الدكتور العتابي) قائمة بأسماء السفراء المرشحين للعمل خارج العراق. والحقيقة اننا لسنا بصدد استعراض ما ورد في طعوناته واعتراضاته عليهم، ولا بصدد علامات الاستفهام التي رسمها ازاء كل مرشح من المرشحين. .
ربما تضمنت القائمة أسماء أقارب لكبار المسؤولين في بعض الأحزاب المعروفة بنفوذها القوي، الأمر الذي يثير الشكوك والشبهات حول غياب الشفافية، واختلال ميزان العدالة، واللجوء إلى الانتقائية والمزاجية، وهذا يعني استغلال النفوذ وتفشي المحسوبية في مرحلة حرجة يفترض ان تسعى فيها الدولة نحو النهوض بعلاقاتها الخارجية إلى المستويات المهيبة وترتقي إلى القمم العالية. .
من هنا يتعين على اصحاب القرار مراعاة الشأن الدبلوماسي والاهتمام به، حتى لا يفقد العراق سمعته الدولية بين عواصم العالم، وحتى لا تتحول مكاتبنا الخارجية إلى دكاكين تعمل بترخيص وتفويض من بعض الاحزاب وبتوجيه منها. .
اذكر ان بعض السفراء (من الذين أحيلوا إلى التقاعد) كانوا يرسلون تقاريرهم إلى جهات (حزبية وتنفيذية) غير مرتبطة بوزارة الخارجية. بينما كانت الغالبية العظمى من السفراء والقناصل والقائمين بالأعمال بمنتهى الرقي، وفي غاية الفطنة والذكاء والحس الوطني، لكنهم لم يجدوا الذي يحتضنهم ويوفر لهم الغطاء المهني لمواصلة العطاء على الوجه الأمثل والأكمل. .
ختاماً: ينبغي ان يكون السفير على درجة عالية من الوعي والثقافة والتجربة السياسية، ويتمتع بالذكاء والحكمة في التعامل، إضافة إلى إتقانه لغات أجنبية. وينبغي ان يجري اختياره انطلاقا من سيرته المهنية والدبلوماسية، حيث يشكل المنصب تتويجا واستفادة من عمله المتدرج لسنوات داخل السلك الدبلوماسي للعراق. .