بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لا ريب ان ما نسمعه ونراه في المشهد السياسي الفوضوي اصاب عقولنا بالعطب، واصابها بانتكاسات دماغية يتعذر الشفاء منها، نشعر كأننا نتجرع أدوية كريهة، أو نستنشق الهواء الفاسد. فالفضائيات من حولنا تتعمد تقديم صورة مشوشة تتشابك فيها فتاوى مشايخ البلاطات بثرثرة المدلسين والمضللين وقرود الفتنة. نشعر ان التلفاز واليوتيوب صار يقدم لنا حلقات تافهة لمدمنين دعتهم الموساد لتدخين الحشيش والبانجو وكل المكيفات والممنوعات. حيث تتصاعد سحب الدخان وسط الصخب والأجواء الخانقة. .
مجموعة من السفهاء والمخمورين يرون أن إيران وأمريكا وإسرائيل يشكلون حلفا حربيا وسياسيا أكثر تلاحما وقوة من حلف النيتو، وأشد بأسا من حلف وارشو القديم. وأنهم يؤدون ادوارهم المرسومة في مسرحية خبيثة مراوغة، يتظاهرون فيها بالعداء ضد بعضهم البعض، ليحققوا أهدافهم الاستعمارية التوسعية الماسونية الصهيونية الزنكلونية المزدوجة ضد البلدان العربية من جهة، وضد المسلمين من جهة اخرى. .
هذا ما توصلت اليه عبقرية المسطولين بعد تناول الوجبات اليومية من أقراص الترامادول. يرون ان الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق يتطلب منح الولايات المتحدة المزيد من التنازلات السيادية السخية، والسماح لها ببناء قواعد حربية جديدة في البر والبحر، ومنحها الترخيص المطلق للعبث بأجواءنا كيفما تشاء. تقصف تقتل تطارد تراقب تتجسس علينا لا ضير. بشرط حماية العرب من إيران المتهمة بالتنسيق مع امريكا نفسها، ثم تفجرت عبقريتهم عن تفعيل مشاريع التطبيع مع إسرائيل وذلك نظير حمايتهم من ايران. التي يتهمونها أيضاً بالتحالف مع إسرائيل. .
خطوتان عربيتان متوازيتان نحو التفاني في حب تل ابيب ونحو الارتماء في احضان البيت الأبيض للتخلص من ضراوة البعبع الايراني. بمعنى أنهم تحالفوا مع حلفاء ايران. أليس كذلك ؟. لكنك عندما تناقشهم بالدليل القاطع حول هذه التناقضات تنهال عليك الهجمات، وربما يتهمونك بالغباء والغفلة والتخلف. ويقولون لك: ان ولاة الأمور أدرى بمصلحتنا، ولديهم الصلاحيات المفتوحة للتصرف بما تمليهم عليهم قناعاتهم الشخصية نحو مستقبل افضل. .
انت تتعامل هنا مع شعوب مدمنة على تعاطي الحشيش المغشوش. امة تهوى الثرثرة والهلوسة والسفسطة والضجيج والدخول في مهاترات فارغة. امة فقدت وعيها ولم تعد تميز بين الجمل والناقة، وبين فتاوى المداخلة (نسبة إلى ربيع المدخلي). وفتاوى الجامية (نسبة إلى محمد أمان الجامي)، وبين تصريحات كهنة الحريديم. بل صار التقارب الابراهيمي بين هؤلاء وهؤلاء يشكل جبهة موحدة ضد المقاومة في غزة وفي الضفة وجنوب لبنان واليمن والعراق. حتى جاء اليوم الذي صار فيه كهنة الادمان والتحشيش يطلقون شتائمهم ضد قادة المقاومة من دون ان يطلقوا كلمة واحدة للدفاع عن قوافل الشهداء والمغدورين في الارض المحتلة. .
ولسنا مغالين إذا قلنا ان القنوات الصهيونية 12 و 13 التي تبث برامجها من قلب تل ابيب صارت اخف وطأة علينا من القنوات المصرية والأردنية. .
لن تسمع الكاهن (وجدي غنيم) ينتقد تصريحات بن غفير. ولن تسمع الكاهن (هشام البيلي) يحتج على سموتريتش. فالهجمات كلها موجهة ضد المقاومة وضد الداعمين لها. .
ولله في خلقه شؤون