بقلم : جبار المشهداني ..
وزير الداخلية الأسبق الصديق جواد البولاني أعرب عن إستغرابه ودهشته للبياض الجاثم فوق رأسي وحول وجهي ليسألني بجدية مستنكرا : متى صرت عجوزا أيها الرجل ؟؟ .
الحقيقة التي لا ينتبه إليها أحد هي إن لاشيء يبقى على حاله وكل شيء يتغير تدريجيا قد يفوتنا الإنتباه الى تغيراته التي تحصل يوميا بشكل بطيء لا يثير إنتباهنا .
لا أحد إنتبه الى ماجرى لبغداد حين قطعت أوصالها بالحواجز الكونكريتية والتي بعدما رفعت تركت ندوبا في وجه المدينة ووجدانها .
لا أحد إنتبه إلى اللصوص وقد تبدلت أحوالهم وصارت الماركات الحديثة تسكن في خزنات ملابسهم التي توسعت كثيرا في بيوت فخمة جديدة وتبدلت مفردات حديثنا معهم من فلان ( حاف ) الى باشا حبيبي .
لم ننتبه الى كل ما يسرق من أيامنا وانتبهنا فجأة إن أبناءنا وبناتنا صاروا أطول منا وإننا فقدنا أهم وأعز أحبتنا ونسيناهم من الدعاء بالرحمة كما يستحقون وكما هو أقل واجباتهم علينا .
لم ننتبه فحل فيلق الفاسدين بيننا وصرنا نناقش ظهورهم الإعلامي وبدلاتهم وصلعاتهم .
لم ننتبه الى ( اللواحيك ) الذين نعرف سيرتهم وسلوكهم وقد صاروا فجأة رؤوسا ومسؤولين وعلينا أن نحاول الوصول إليهم ليسهلوا لنا أمرا أو يقضوا للناس حاجاتهم .
هل أخذتنا الغفلة عن كل ما يجري حولنا فأصبحنا اليوم مستغربين؟ ؟؟ .
هل فقدنا الذاكرة ؟؟ .
هل ضربت اللقاحات التي أجبرنا على أخذها شيئا في أعماق ضميرنا فصار ( التغليس ) أسلوب حياتنا؟ ؟ .
قبل عشر سنوات بالضبط مازلت أذكر حكايتين الأولى لأمراة جاءت تبحث عن فرصة عمل ولو( كومبارس ) وبخمسة آلاف دينار وهو مبلغ لا يسدد أجرة ( التاكسي ) وأعتذرت منها بأدب فصارت بعد سنوات قليلة جدا ( بلوكر ) شهيرة جدا تتشاجر وتهدد وتضع تسعيرة للناس وفقا لمزاجها .
والحكاية الثانية لشاب في مقتبل عمره السياسي دخل بناية مجلس النواب مرتبكا يسأل عن دائرة ما وقد بان خجله ووجله لينطلق بعد هذا الإرتباك صاروخا في المشهد السياسي لا نعلم جميعا أين مكان سقوطه وإنفجاره الذي سيقع في أي لحظة قادمة .
لا أحد منا قادر على التوقع فقد صار المثل القديم .
( الديك الفصيح من البيضة يصيح ) مثلا باليا غبيا مثاليا فقد ساد فينا من لا يجيد الكلام ولا المنطق ولا الفصاحة ولا الحضور ولا المحاججة