بقلم: كمال فتاح حيدر ..
يقدم لنا كتاب (ما وراء السياسة) Beyond Politics صورة تحليلية مفصلة عن اسباب فشل الحكومات وتدهورها. ويتناول في فصوله استعراضا شاملا للعمليات السياسية والأسواق والممتلكات والاقتصاد، ويحدد أنواع الإجراءات التي تتجاوز قدرات الحكومات. .
يقترح المؤلف Randy Simmons في كتابه حلولاً لتحسين أحوال أولئك الذين ينبغي أن يكونوا الحكام في الانتخابات الديمقراطية العادلة. ويرى ان عامة المواطنين يتأثرون قبل رجال الدولة بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وقلما يلقون الاستجابة من الحكومات، وبخاصة عندما تتفجر الأزمات الناجمة عن إخفاقات اقتصاد السوق. غالبا ما تأتي الحلول الحكومية بأسوأ النتائج. .
يتناول المؤلف تداعيات السياسات العامة التي تعكس قيود النشاط الحكومي، ويتطرق إلى المحاولات السياسية والبيروقراطية لتصحيح مشاكل ما يسمى بفشل السوق، والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج غير كافية وغير مقنعة، بل وحتى عكسية. .
إن فهم أسباب هذه الأزمات الشائعة ليس بالأمر الصعب، ولكن القيام بذلك (في رأي المؤلف) يتطلب ادراكا عميقا لعيوب الافتراضات النمطية حول السياسة والأسواق، ويتطلب فهم الإطار المؤسسي الذي يشكل الحكومة واقتصادها. .
يكشف المؤلف عن جذور فشل الحكومات في دراسة تقلبات الأسواق التي تتحكم فيها الشركات، وحماية المستهلك، واستغلال الحكومة، والتعليم العام، وحماية البيئة، والرعاية الاجتماعية، والسياسة الاقتصادية الكلية. ويختتم باستخلاص الدروس الأساسية لهذا التحليل وتقديم أربعة مبادئ توجيهية لتحسين السياسة العامة، وخلق مناخ من الحرية. .
لقد تم نشر كتاب Beyond Politics في الأصل عام 1995 بالاشتراك مع المؤلف المشارك ويليام سي ميتشل، وقد تم تنقيحه وتحديثه لتزويد القراء برؤية فاحصة حول الانهيار الذي وقع في امريكا، والأزمة المالية، وغيرها من حقائق الاقتصاد السياسي في القرن الحادي والعشرين. .
سوف يكتشف القارئ أنه أمام مزيج متنوع من الخيارات القيادية المجدية، وربما يجد ممارسو فنون السياسات التعسفية المظلمة ضالتهم في فصول هذا الكتاب، سيما إن التدخل الحكومي كثيراً ما يؤدي إلى تفاقم المشاكل والأزمات، ليس بسبب فشل المؤسسات الحكومية بل لأن سقف المطالب الجماهيرية اعلى بكثير من نطاق التحركات الحكومية البطيئة، يضاف إلى ذلك أن المسؤولين المنتخبين والبيروقراطيين وأصحاب المصالح الخاصة يفتقرون إلى المعرفة الكافية، ويفتقرون إلى الحوافز اللازمة لتعزيز المصلحة العامة، وقد تصبح هذه الإخفاقات واضحة عند تقييم قدرات الدولة في توفير السلع العامة، علما إن مصطلح (السلع العامة) هو مصطلح فني في علم الاقتصاد: فهو يشير إلى نظام البطاقة التموينية والمواد والخدمات التي قد يتمتع بها العديد من الناس دون الحاجة إلى شرائها، والتي لن توفرها الشركات التي تعمل من أجل الربح على النحو الكافي. .
يمتلك المؤلف (راندي سيمونز) خبرات واسعة في هذا المضمار، فهو زميل أول في المعهد المستقل، وأستاذ الاقتصاد في جامعة ولاية يوتا. وهو أيضاً عضو في مجلس إدارة رابطة المدن في يوتا، وعضو في لجنة الخصخصة التابعة لحاكم ولاية يوتا. وله العديد من المؤلفات. .