بقلم: كمال فتاح حيدر ..
أسوأ الناس حظاً: الصادقون الذين يعيشون في مجتمعات كاذبة. . مجتمعات يندم فيها المحترم على احترامه لبعض البشر. فالدنيا مدرسة مديرها الزمن، وأستاذها القدر، وتلاميذها البشر. نتقابل غرباء، ونعيش أصدقاء، ومهما عشنا فيها لا يبقى إلا الوفاء، ولا تبقى إلا الكلمة الطيبة. .
قبل ثمان سنوات وصل التكنوقراطيون الى مجلس الوزراء. كانوا خمسة وزراء فقط، في تجربة لن تتكرر لكنها كسرت قيود المحاصصة لمرة واحدة للمدة 2016 – 2018، من بينهم مرشح مستقل جاء من البصرة، من طبقة فلاحية فقيرة. اقتصر عمله الوزاري بسنتين فقط (720 يوماً)، فشهدت الوزارة في زمنه تصاعداً ملحوظاً في مواردها المالية وفي مؤشراتها الخدمية، حتى بانت ملامح الازدهار في جميع تشكيلاتها المؤلفة من (12) شركة وهيئة ومؤسسة. .
كان ذلك الوزير منفردا في تبنيه لمشروع إسكان الموظفين، الذي اكتمل في زمنه بتخصيص 22000 قطعة ارض في عموم العراق، واكتملت في زمنه مدينة المسبار المخصصة لشهداء الموانئ. وفتحت على يده دورات البحريين والطيارين في بريطانيا واليونان، واكتمل في زمنه كاسر الامواج الشرقي والغربي. ثم جاء من بعده ثلاثة وزراء لم يكن لهم اي دور يذكر في التواصل المباشر مع الموظفين. .
نذكر ايضاً ان ذلك الوزير انتقل إلى البرلمان ممثلا عن البصرة بعد فوزه بنحو 18 الف صوت بانتخابات نزيهة، وكان النائب الوحيد الذي وقف بقوة ضد قانون التقاعد القسري، والداعم الاوحد للقطاع الصناعي الخاص بشهادة اتحاد الصناعيين، ويعود له الفضل في تأسيس الهيئة البحرية العراقية العليا. ثم احيل إلى التقاعد وهو الآن في العقد السابع من العمر (73 سنة)، ومع ذلك لم يسلم من الطعنات والوخزات التي كانت تأتيه من بعض الحاقدين عليه في البصرة ومن بعض نوابها. وظلت حملات التشويه والتلفيق تأتيه من بعض الذين ساعدهم في العمل والتوظيف وكان الداعم القوي في تحسين ظروفهم المعيشية، واللافت للنظر انهم كانوا يتهجمون عليه تزلفاً وتملقاً وتقرباً للمسؤولين الجدد. فالإنسان الناقص دائما يكمل نفسه بأذية من أحسن اليه. اما الآن وفي خضم الصيحات الجماهيرية الموجهة ضد العقود المريبة وضد الصفقات المليارية المشينة، عادت أبواق التشويه ضد ذلك الرجل على الرغم من مضي سنوات على إحالته إلى التقاعد. .
لا أعرف كيف يفتح هؤلاء هواتفهم ببصمة الوجه، وهم كل يوم بوجه جديد. حتى يكاد المرء يصاب بالجنون من فرط الوقاحة التي يتحدث بها اهل النفاق من الانتهازيين والوصوليين وناكري المعروف. .
كلمة اخيرة: لا تبحث عن الأصالة عند المنافقين، ولا تنتظر الكرم من الوصولي والانتهازي، ولا تتوقع الرقي والإحترام من قليل الأصل. .