بقلم: كمال فتاح حيدر ..
يبدو ان العرب لديهم خلافات قديمة مع العلوم التطبيقية، فقد اعلنوا عن رفضهم المطلق منذ قرون لكل الأحاديث النبوية التي أوصت بوجوب طلب العلم: (اطلبوا العلم ولو كان في الصين). و: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة). و: (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد). و: (الناس اثنان عالم ومتعلم ولا خير في ثالثهما). .
لقد تعمقت عداوتهم للعلوم والمعارف على يد ابن تيمية الذي أفتى بتكفير: الرازي، وابن سيناء، والخوارزمي، والفارابي، والكندي، والبيروني، وابن النفيس، وابن الهيثم، والفراهيدي، وجابر بن حيان، الذي قال عنه عثمان الخميس: ان جابر شخصية وهمية لا وجود لها. وهكذا اصبحت الكيمياء والفيزياء والطب والجراحة والرياضيات والفلسفة والهندسة وعلوم الفلك من المحرمات التي لا ينبغي الاقتراب منها. .
أما الآن ونحن في خضم القفزات العلمية المتسارعة فقد خرج علينا بعض رجال الدين بفتاوى يرفضها العقل ولا يقبلها المنطق السليم. .
في العراق قدم لنا الخبير (شهيد العتابي) بعض التسهيلات السخية لدخول الجنة من أوسع أبوابها لمجرد الإكثار من تناول البطيخ الأحمر، فالبطيخة الواحدة كفيلة باسقاط 70000 ذنبا من ذنوبك. .
في هذا السياق سألوا الخبير الاستراتيجي (صالح الفوزان) عن حكم لبس القبعة ؟. فقال: القبعة من لباس الكفار، وفي لبسها تشبّه بهم. .
ترى ماذا لو سألناه عن الهواتف الذكية والأقمار الاصطناعية والسيارات والطائرات وعدسات المراقبة وإشارات المرور المصنوعة في البلدان التي ينعتها الفوزان بالكفر والألحاد ؟. .
سألوه أيضاً عن حكم النساء اللواتي يشربن القهوة بطعم الزعفران ؟. فقال: إذا كانت رائحة الزعفران باقية في القهوة فلا يجوز للمرأة أن تشربها، ذلك لأن رائحة الزعفران ستظهر على فمها، وأما إذا اختفت الرائحة بعد تحضير القهوة فلا حرج عليها. .
وكأن مشاكل الأمة العربية والإسلامية توقفت كلها على لبس القبعة من عدمها، وتوقفت على تناول القهوة بلا زعفران وبلا طرزان. هذا رغم علم الشيخ ان القهوة (السريعة الذوبان) معظمها من انتاج شركات غير اسلامية، فالقهوة الفورية أنتجها عام 1901 عالم ياباني اسمه (ساتوري كاتو) كان يعمل في شيكاغو، وكان على الديانة البوذية. .
لدينا سؤال نوجهه الى هذا الخبير الاستراتيجي عن جواز إحتضان بلداننا لجيوش (الكفار) ؟، وعن جواز منحهم قواعد حربية في البر والبحر. اغلب الظن انه سوف يقول: انها من اختصاص ولاة الأمور. .
علما ان الشيخ الفوزان نفسه هو الذي أفتى بجواز مشاركة القوات العربية مع قوات التحالف الأطلسي في اجتياح العراق وتدمير بنيته التحتية. وهو الذي أفتى بجواز قتل الجنود العراقيين. وهو الآن يظن ان حياتنا سوف تتغير نحو الأفضل إذا شربنا القهوة بلا زعفران أو شربناها بالسم الهاري. . .