بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اختفت مديرية البريد والبرق والهاتف منذ عقود، ولم يعد لها وجود في المدن العراقية كافة، فقد تعطلت اجهزتها، وضاعت معداتها، وخرجت منظوماتها من الخدمة، بينما انهارت أعمدتها، وتقطعت خطوطها، وتهدمت كابيناتها، بمعنى آخر أنها انقرضت منذ اليوم الذي ولدت فيه اجهزة الهواتف المحمولة، التي تحولت الى وسائل مضمونة ومتعددة الأغراض. وصارت مرتبطة بالأقمار الصناعية والكابلات الضوئية العابرة للبحار والمحيطات، واضحت من أدوات الرصد والاستطلاع والتتبع والمراقبة. وظهرت علينا مئات التطبيقات المعاصرة. . .
ولكن اغرب ما يواجهه سكان كوكب العراق هذه الايام ان معظمهم وجدوا انفسهم مطلوبين بتسديد مبالغ تقصم الظهر الى دائرة البريد والبرق والهاتف. بذريعة ان اجهزتهم ظلت تعمل منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا. .
لقد انقطعت علاقاتنا بالهاتف الأرضي، واصبح من مقتنيات الماضي البعيد، تحتفظ به بعض العوائل كرمز من رموز التواصل القديم. . فمن غير المعقول ان يتلقى شبابنا الآن فواتير الدفع القسري بأكثر من مليون دينار لقاء خدمات تعود إلى زمن الأجداد. .
الحق يقال ان بعض البلدان العربية ظلت تقدم الخدمات لمواطنيها عن طريق شبكاتها الأرضية المحلية، لكنها اختفت تماما في العراق. وكانت عاجزة عن تأمين الاتصال بين بيوت المدينة الواحدة بسبب ما يسمى (غياب الحرارة) فهل عادت اليها الحرارة بالتزامن مع ظهور اجيال الهواتف الذكية التي تنتجها شركات أبل، وهواوي، وسامسونغ، ونوكيا ؟. .